فالتفصيل
في صحة المجمع بين صورتي العلم والجهل على ما نسب إلى المشهور لا ينطبق
على القاعدة أصلا، لما عرفت من انه لا بدّ من القول بالفساد في الصورتين
على القول بالامتناع، والحكم بالصحّة فيها على القول بالجواز.
فما استفدناه من بيان الثمرة امرين: الأول: انّ هذا البحث بحث شريف، إذ
يترتب على القول بالامتناع فساد الإتيان بالمجمع في صورتي العلم بالنهي
والجهل به، إلاّ فيما ورد الدليل الخاصّ فيه على الصحة من حديث لا تعاد
ونحوه كما في الصلاة في الثوب المغصوب جهلا، وعلى القول بجواز الاجتماع
صحته في الصورتين.
الثاني: انّ ما نسبوه إلى المشهور من التفصيل بين الصورتين في الحكم
بالصحّة والفساد لا ينطبق على القاعدة، لأنه على الامتناع تفسد العبادة في
كلتا الصورتين، وعلى الجواز تصح فيهما، غايته تكون الصحة في صورة الجهل
بالحرمة مطلقا، وفي فرض العلم مع وجود المندوحة مستندة إلى إطلاق الأمر من
دون حاجة إلى الترتب، وفي فرض العلم بالنهي وعدم المندوحة إلى الترتب على
ما عرفت.
هذا كله في مقدمات المسألة. تحقيق أصل المسألة
ما ذهب إليه صاحب الكفاية من استحالة الاجتماع
و امّا تحقيق أصلها: فقد ذهب صاحب الكفاية إلى استحالة اجتماع الأمر والنهي وذكر في وجهه مقدمات بديهية أو مما ينتهي إليها.
منها: انّ الأحكام متضادة. والتضاد[1]بالمعنى
اللغوي أعني التنافي بين الأحكام ضرورية، نعم التضاد الاصطلاحي أعني
استحالة اجتماع عرضين في موضوع واحد ثبوته في الأحكام مبني على كون الأحكام
من قبيل الاعراض، وامّا التضاد اللغوي فهو ثابت بلا إشكال.