مقدمة الحرام:
ثم انه يجري جميع ما بيّناه في مقدمة المستحب أيضا فلا نطيل.
فنتكلم في مقدمة الحرام والمكروه. والبحث في مقدمة الحرام يقع في مقامين: أحدهما: حرمتها النفسيّة.
ثانيهما: في حرمتها الغيرية.
و نحن ندرجهما في مقام واحد، ونقول: تارة تكون مقدمة الحرام متّحدة مع ذيها
خارجا، بمعنى ان يكونان من قبيل العنوان والمعنون، بان تكون المقدمة منشأ
لانتزاع ذي المقدمة، كعنوان التعظيم المنتزع من القيام فانه امر منتزع من
القيام مثلا، وليس هناك وجودان. ولا إشكال في خروج ذلك عن محل النزاع، بل
هو من قبيل النهي في العبادة، فانّ التكليف المتعلق بالأمر الانتزاعي بعينه
متعلق بمنشئه، فإذا حرم تعظيم الكافر فنفس القيام يكون محرما نفسا، فليس
هناك في الحقيقة مقدمة وذي المقدمة.
و أخرى: يكون هناك وجودان، أحدهما مقدمة للآخر، وفي هذا أيضا تارة تكون
مقدمة الحرام من قبيل العلّة التامّة بحيث لا يتوسط بينهما وبين تحقق ذي
المقدمة اختيار فاعل مختار، بل يترتب ذو المقدمة على المقدمة قهرا، نظير
عنوان الذبح المترتب على فري الأوداج، ويلحق بذلك ما إذا علم المكلف بأنه
إذا أتى بتلك المقدمة يقع في المحرم لا محالة اما باختياره أو بإجبار الغير
له، وفي هذا وان كان اختيار الفاعل أو اختيار غيره واسطة بين ثبوت المقدمة
وترتب ذي المقدمة عليها، إلاّ انه حيث يعلم بترتبه عليها لا محالة يجري
فيه ما نقوله في العلّة التامّة وان كان خارجا عنها موضوعا.
و أخرى: لا يفرق الإتيان بالمقدمة في اختياره على ترك ذي المقدمة وفعله