فليس ذلك من قبيل لوازم الماهية وهي الأمور الانتزاعية عن الماهية المعبر عنها باللوازم.
و بهذا ظهر الإشكال في جوابه أيضا، إذ لا مجال بعد ما ذكرنا للقول بأنه مجعول تبعا لجعل وجوب ذي المقدمة.
و منها: انّ الرجوع إلى أدلة الأصول العملية انما هو في مقام الإثبات بعد
الفراغ عن مقام الثبوت وإمكان نفي التكليف وإثباته، واما لو لم يكن أصل
الإمكان محرزا بان احتمل استحالة ذلك فلا معنى للرجوع إلى الدليل في مقام
الثبوت، وفيما نحن فيه يحتمل استحالة عدم وجوب المقدمة في فرض وجوب ذيها.
و هذا الإشكال قد ذكر نظيره في بحث حجّية الخبر عند التعرض لإشكال ابن قبة
واستحالة التعبد بخبر الواحد، وقد ذكرنا هناك انّ بناء العقلاء والسيرة
القطعية ثابتة على عدم رفع اليد عن الظهور بمجرد احتمال الاستحالة، بل
يبنون على إمكان ذلك الشيء ما لم يثبت امتناعه.
ففي المقام أيضا لا بدّ من التمسك بإطلاق أدلة الأصول وشمولها لفرض احتمال الإمكان، فلا يرفع اليد عنه. فهذا الإشكال أيضا غير وارد.
و عمدة الإشكال في التمسك بالأصل العملي في المقام هو انه لا بدّ في جريان
الأصل العملي من أثر عملي مترتب عليه، ولا أثر كذلك في المقام بعد لا بدّية
الإتيان بالمقدمة عند إرادة الإتيان بذيها، ومن هذه الجهة لا مجال لجريان
الأصل العملي في نفي وجوب المقدّمة أصلا. المقام الثاني: استدل على وجوب المقدمة بوجوه:
منها: الوجدان وانّ الإنسان في إرادته التكوينية إذا أراد شيئا يريد
مقدماته أيضا، ويأتي بها لا محالة، فالوجدان شاهد على ذلك، وهذه الملازمة
ثابتة في الإرادات التشريعية أيضا، إذ لا فرق بينهما إلاّ في انّ الأولى
متعلقة بفعل نفس