بأحدهما مبرئا للذمة، فلا مناص عقلا من الفحص عن الأعلميّة.
الثالث
: هل يجب مع الاتفاق في الفتوى تقليد الأعلم أيضا، بدعوى أنّ الإفتاء منصب له، و يكفي احتماله في تعيّنه حيث لا يقين بالبراءة في غيره، خصوصا بالنظر إلى ما ورد في باب القضاء عن أمير المؤمنين (عليه السَّلام) في كتابه إلى و إليه بمصر: «اختر للحكم بين الناس أفضل رعيتك» [1] و ما ورد من النهي عن إفتاء الشخص و في الناس من هو أعلم منه، و فحوى ما ورد في تقديم الأفضل على غيره في باب الجماعة [2]؟
و التحقيق خلافه بناء على طريقية الفتوى، إذ الواقع المنجّز الّذي لا يعذّر عن خلافه واحد حسب فتوى الأفضل و المفضول، و غيره لا منجّز له على الفرض، فلا تبعة له على فرض خطأ المفضول كالأفضل.
نعم بناء على الموضوعيّة يمكن أن يقال: إنّ العمل المستند إلى فتوى الأفضل معنون بعنوان ذي مصلحة ملزمة يتدارك بها مصلحة الواقع دون فتوى المفضول، فنفس العمل و إن كان مطابقا لكلا الفتويين، لكنّه لا بدّ من إيقاعه مستندا إلى الفتوى.
لكنك قد عرفت أنّ الأصل بناء على الموضوعية هو التخيير دون التعيين في صورة الاختلاف فضلا عن المساواة، و لا دليل يقتضي تعيّن فتوى الأفضل من باب الموضوعية، حتى يقال بلزوم التعين سواء اختلف الأفضل و المفضول أم لا.
و أمّا ما استدل به من الأخبار المسطورة هنا فهو لا ينهض لإثبات تعيّن الأفضل في صورة الاختلاف فضلا عن صورة الوفاق، لوضوح سوق الأول
[1] الوسائل: ج 18، باب 12 من أبواب صفات القاضي، ح 18.
[2] الوسائل: ج 5، باب 26، 28 من أبواب صلاة الجماعة.