و عمل المقلّد، فالعمل المستند إلى ما حصّله من المدرك عمل المجتهد، و العمل المستند إلى رأي الغير عمل المقلد، و التفصيل في محله. هذا ما يقتضيه مفهوم التقليد الواقع في مثل قوله (عليه السَّلام): «فللعوام أن يقلدوه» [1]. و أمّا ما يقتضيه سائر الأدلة فنقول: أمّا ما تقتضيه الفطرة فهو كما سيجيء إن شاء اللّه أجنبي عن التقليد التعبدي الّذي هو محل الكلام، بل مقتضاها رفع الجهل بعلم العالم حقيقة، و منه يظهر أنّه لا ربط له بالتعلم الّذي هو مقدمة للعمل، لأنّه لا يدور مدار حصول العلم حقيقة.
و أمّا ما يقتضيه حكم العقل على ما سيأتي فهو لزوم الامتثال استناداً إلى الحجة أو إلى من له الحجة عقلًا، و أين ذلك من الأخذ للعمل بالمعاني المتقدمة!.
و أمّا ما تقتضيه سيرة العقلاء فهو العمل بقول العارف بشيء حفظاً لنظام أُمورهم، فالانقياد قلباً أو الأخذ بالفتوى بوجودها العلمي أو الكتبي- و إن كان من المقدمات- أجنبي عن مقاصد العقلاء.
و أمّا ما تقتضيه الأدلة اللفظية، فآية النفر [2] بناءً على دلالتها على وجوب التقليد لا تدل إلا على العمل على طبق ما أنذر به المنذر، فانّه المراد من التحذر القابل لتعلّق الوجوب به، و هو الّذي يقتضيه الخوف عادة، دون الالتزام أو الأخذ بالوجود العلمي أو الكتبي. و آية السؤال [3] إن كانت مسوقة لوجوب القبول بعد الجواب، فمن البيّن أنّ المطلوب في العمليات هو القبول عملًا لا جناناً فضلًا عن الأخذ بوجوده الكتبي للعمل، و منه ظهر حال سائر الأدلّة مثل ما دلّ على جواز الإفتاء و الاستفتاء، فانّه يلازم القبول عملًا عرفاً لا سائر أنحاء
[1] الوسائل: ج 18، باب 10 من أبواب صفات القاضي، ح 20.