و ثانيهما: ما هو أدقّ و أقرب إلى توحيد أفعاله تعالى، فانّ الموحّد كما يجب أن يكون موحّداً في الذات و الصفات، كذلك يجب أن يكون موحّداً في الأفعال، فكما لا شريك له تعالى في الوجود، فكذلك لا شريك له في الإيجاد.
و ملخّص هذا الوجه، أنّ الإيجاد يدور مدار الوجود، في وحدة الانتساب و تعدده، و الاستقلال و عدمه، فلا بدّ من بيان أمرين:
أحدهما: كيفية الوجود، و استقلاله، و عدمه، و تعدد انتسابه و عدمه.
ثانيهما: تبعية الإيجاد للوجود فيما ذكر، فنقول:
أمّا الأوّل: فمجمل القول فيه أنّه قد تقرّر في محله، أنّ المجعول بالذات، هو الوجود المنبسط الّذي به موجودية الموجودات المحدودة، و الماهيات، و من الواضح أنّ المجعول و المعلول بالذات، حيثية ذاته حيثية المجعولية و المعلولية و الارتباط، لا أنّ هناك شيئاً له الربط.
و البرهان عليه انّ كلّ ما كان بذاته مصداقاً و مطابقاً لمحمول اشتقاقي، فهو مصداق و مطابق لمبدئه، أيضا، و إلا لزم مصداقيته للمحمول الاشتقاقي، في المرتبة المتأخّرة عن ذاته، و هو خلف، و هذا معنى عدم استقلاله في الوجود، حيث إنّ وجوده محض الربط، و عين الفقر، و إذا عرفت أنّ الوجود المنبسط الّذي به موجودية الموجودات المقيّدة المحدودة، و الماهيّات، حيثية ذاته حيثية المعلولية، و المقتضائيّة، و الارتباط، و الانتساب، تعرف أنّ له بما هو عين كلّ مرتبة بلحاظ إطلاقه، و لا بشرطيته انتسابان، انتساب إلى الفاعل بالوجوب، و هو بهذا الاعتبار فعله تعالى، و صنعه، و مشيته الفعلية، و انتساب إلى القابل بالإمكان، و هو بهذا الاعتبار وجود زيد، و عمرو و غيرهما، من الموجودات المحدودة و الماهيات.
و أمّا الأمر الثاني: فمختصر الكلام فيه أنّ المجعول بالذات بعد ما كان حيثية ذاته حيثية الربط، و الفقر، فلا بدّ من أن يكون أثره كذلك، و إلا لانقلب