و الوقت المجعول لها شرعاً أزيد مما يقتضيه طبع هذا المتقدّر بما لا بدّ منه من الزمان. و اما الإمساك فلا حدّ مخصوص له من الزمان بل يتبع تحديد الأمر به طولا و قصرا، لا ان هناك إمساكا متقدرا بقدر مخصوص من الزمان، و كان تحديد الشارع له من الفجر إلى الغروب مساوياً لما يقتضيه طبع الإمساك المتقدّر. و هذا الإشكال جار على غير ما بنينا عليه أيضا، فانه لا تقدير للإمساك حتى يقال: ان زمان وجوبه أوسع منه أو يساويه. فالصحيح في مقام التقسيم ان يقال: ان الواجب تارة يلاحظ بنحو الحركة التوسطيّة و الكون المتوسط كالصلاة بين الزوال و الغروب، و أخرى يلاحظ بنحو الحركة القطعية كالإمساك من الفجر إلى الغروب.
الفصل الثامن في التعبّدي و التوصّلي
و حيث ان الحكم الحقيقي- كما مرَّ سابقا [1]- هو الإنشاء بداعي جعل الداعي، و ان الإنشاء بسائر الدواعي ليس من الحكم الحقيقي في شيء، فالغرض من الأمر الحقيقي دائما هو جعل الداعي من دون فرق بين التعبّدي و التوصّلي. و إنّما التفاوت بينهما من ناحية الغرض من الواجب، و هو ان الغرض المترتب على الفعل، تارة يكون مساوقا للقرب، فلا محالة لا يحصل إلّا إذا أتى به بأحد الدواعي الموجبة للقرب، و أخرى لا يلازم القرب، فلا يتوقّف حصول الغرض على الفعل بأحد الوجوه المقرّبة. و الأوّل هو التعبّدي و الثاني هو التوصّلي.
و عليه فلا بدّ من بيان امرين: (أحدهما)- ما يوجب استحقاق المدح