يدري و لا يدري. و من قرأ حاشيته على الكفاية بالخصوص يجد كيف تطغى المصطلحات الفلسفية على تعبيره حتى ليظن أحياناً انه يقرأ كتاباً في الفلسفة. و هذا ظاهرة عجيبة في مؤلفاته تستوقف النّظر و تدل على شدة تعلقه بهذا الفن و مبالغته في التمسك به.
و قد طغت روحه الفلسفية حتى على أراجيزه في مدح النبي المختار و آله الأطهار عليهم جميعاً الصلاة و السلام، بل أراجيزه هذه قطعة فلسفية رائعة أفرغها في ثوب من الأدب الرفيع. قد أوضحت رأي الفلاسفة المؤمنين في محمد و آل بيته نور الأنوار و علل الكائنات، على ما أشارت إليه الآيات القرآنية و صرحت به الأحاديث الصحيحة، و مما قال في النبي المختار (صلى اللَّه عليه و آله و سلم):
لقد تجلّى مبدأ المبادي* * * من مصدر الوجود و الإيجاد
من أمره الماضي على الأشياء* * * أو علمه الفعلي و القضائي
رقيقة المشيئة الفعلية* * * أو الحقيقة المحمّدية
أو هو نفس النّفس الرحماني* * * بصورة بديعة المعاني
أو فيضه المقدّس الإطلاقي* * * فاض على الأنفس و الآفاق
إذ أنّه حقيقة المثاني* * * و عند أهل الحقّ حقّ ثان
لا بل هو الحقّ فمن رآه* * * فقد رأى الحقّ فما أجلاه
إذ مقتضى الفناء في الشهود* * * عينية الشاهد و المشهود
إلى أن يقول:
أصل الأصول فهو علّة العلل* * * عقل العقول فهو أول الأُول
و قال في أمير المؤمنين (عليه السَّلام):
و قلبه في قالب الوجود* * * حياة كل ممكن موجود
و نسخة اللّاهوت وجهه الحسن* * * لو رام لقياه الكليم قيل: لن
غرّته الغرّاء في الضياء* * * جلّت عن التشبيه بالبيضاء
و كيف و هو فالق الإصباح* * * في أُفق الأرواح و الأشباح