أعمّ من المطابقي و التّضمّني و الالتزامي بأقسامه حتّى الالتزام الشّرعي
فإذا دلّ دليل على وجوب القصر في أربعة فراسخ و دلّ دليل علىوجوب الصّوم
فيها فلا محالة يقع التّعارض بينهما بملاحظة ما دلّ على التّلازم بين القصر
و الإفطار شرعا و الصّوم و الإتمام فالخبر الدّالّ علىالقصر يدلّ على
وجوب الإفطار بالالتزام الشّرعي كما أنّ الخبر الدّال على الصّوم يدلّ على
وجوب الإتمام كذلك فيقع التّعارض بينهما منحيث الالتزام الشّرعي كما أنّه
إذا دلّ دليل على وجوب شيء يدلّ على وجوب ما يتوقّف عليه بالالتزام العقلي
فإذا ورد ما يدلّ على عدموجوب ما يتوقّف عليه يدلّ على عدم وجوب ذلك
الشّيء لا محالة مع فرض بقاء التّوقّف فيتعارضان من حيث الدّلالة
الالتزاميّة العقليّةو من التّعارض من جهة الالتزام الشّرعي أيضا ما إذا
دلّ دليل على بطلان الصّلاة بنقص جزء منها سهوا و دلّ دليل آخر على عدم
بطلانالصّلاة بزيادة هذا الجزء فإنّه لا تعارض بينهما إلاّ بملاحظة ما دلّ
على التّلازم بين النّقيصة و الزّيادة صحّة و بطلانا و منه أيضا ما إذادلّ
دليل على انفعال القليل بشيء من النّجاسات و دلّ دليل آخر على عدم
انفعاله بنجس آخر غيره فيقع التّعارض بينهما بملاحظة ما دلّ علىعدم
التفصيل بين النّجاسات الواردة على القليل و هكذا و هذا هو المراد ممّا
ذكره بعض أفاضل مقاربي عصرنا من كون التّعارض بينالدّليلين قد يكون
بأنفسهما و قد يكون بواسطة أمر خارج عنهما هذا و قد يجعل الواسطة إذا لم
يكن قطعيّة طرفا للمتعارضين و يحكمبهذه الملاحظة باندراج الفرض في تعارض
أزيد من الدّليلين و لعلّنا نتكلّم في تحقيق المقام فيما يتلى عليك في طيّ
مطالب المسألة ثمّ
إنّ قصر موضوع المسألة على تعارض الدّليلين إنّما هو بالنّظر إلى ما يقع
غالبا لا من جهة اختصاص التّعارض أو حكمه بتعارضالدّليلين و إلاّ فقد يقع
التّعارض بين الثّلاثة و الأزيد كما ستقف على شرح القول في حكم تعارض أزيد
من الدّليلين في طيّ الكتابو التّعليقة في بيان المراد من الدّليل الاجتهادي و الفقاهتي و وجه النّسبة بينهما
قوله
دام ظلّه و منه يعلم أنّه لا تعارض بين الأصول و ما يحصله المجتهد من الأدلّة الاجتهاديّة إلخ (1) أقول
بعدالتّعرّض لتعريف التّعارض و بيان المراد منه أراد التّعرض لتشخيص ما
يوجد فيه هذا المعنى من حيث وجوده بين مطلق الدّليلين أوالدّليلين
المأخوذين بخصوصيّة و قيد فإنّهما قد يكونان اجتهاديّين و قد يكونان
فقاهيّين و قد يكونان مختلفين و أيضا قد يكونانقطعيّين و قد يكونان ظنّيين
و قد يكونان تعبّديّين و قد يكونان مختلفين فهذا الكلام في مبادي المسألة
بعد الفراغ عن بيانحقيقة التّعارض فنقول
إنّ تحقيق القول في المقام و توضيحه يقتضي التّكلّم في موضعين أحدهما
في بيان الحال من جهة التّقسيمالأوّل فنقول المراد من الدّليل الاجتهادي
ما أنيط اعتباره بالكشف عن الواقع ظنّا و لو نوعا بناء على اختصاص الاجتهاد
عندهمكما حقّقناه في بحث الاجتهاد و التّقليد سواء كان بمعنى الفعليّة
على ما يقتضيه كلمات الأكثرين من الخاصّة و العامّة أو الملكة بتحصيلالظّن
بالحكم الشّرعي أو ملكته فتحصيل القطع بالحكم الشّرعي خارج عن الاجتهاد
موضوعا و إن كان العلم بالحكم الشّرعي الفرعيّ الحاصل منالمقدّمات
النّظريّة داخلا في الفقه عندهم على ما ينادي به تعريفهم للفقه و المراد من
الدّليل الفقاهتي الّذي يسمّى بالأصل فيكلماتهم و يطلق عليه الدّليل
مقيّدا كما أنّ الأولّ يطلق عليه الدّليل مطلقا و مقيّدا ما لم ينط اعتباره
بالكشف سواء لم يكنكاشفا أصلا أو كان كاشفا و لم يلحظ في اعتباره
فالمعتبر في الدّليل الاجتهادي أمران ينتفي بانتفاء أحدهما فالاستصحاب على
القولبعدم إناطة اعتباره بالظّن داخل في الأصل و إن قيل بإفادته للظّنّ و
منه يظهر أنّ الأمارات الموضوعيّة خارجة عن الدّليل الاجتهاديموضوعا و
المؤسّس لهذا الاصطلاح على ما وقفنا عليه المحقّق الطّبري في شرح الزّبدة و
شاع في لسان الفريد البهبهاني قدّس سرّهو تلامذته و من هنا نسبه شيخنا
الأستاذ العلاّمة دام ظلّه إلى الفريد البهبهاني و قد تقدّم وجه المناسبة
في الجزء الثّاني من التّعليقة ثمّ
إنّ الأصل قد يكون شرعيّا صرفا كالاستصحاب و قد يكون عقليّا كذلك
كالتّخيير بين الاحتمالين و قد يكون ذا وجهين وجهتينكالبراءة في وجه و
الاحتياط كذلك على ما أسمعناك شرح القول فيه في الجزء الثّاني من التّعليقة
أمّا الدّليلان الاجتهاديّان فلاإشكال في وقوع التّعارض بينهما في الجملة
لأنّه إن كان اعتبارهما منوطا بالظّن النّوعي المطلق من دون اشتراط حصول
الظّن منهما فيالقضايا الشّخصيّة و من دون اعتبار عدم قيام الظّن على
الخلاف فلا إشكال في وقوع التّعارض بينهما و إن كان اعتبارهما منوطابحصول
الظّن منهما في الوقائع شخصا فلا إشكال في عدم تصور التّعارض بينهما
لاستحالة حصول الظّن بالّنقيضين أو الضدّين كما هو ظاهر فإنارتفع الظّن
منهما فلا يكونان دليلين و حجّتين و إن بقي في أحدهما فيعود سليما عن
المعارض و من هنا تبيّن أنّه لا يمكن التّعارض بين الأماراتعلى القول
باعتبارها من باب الظّن المطلق على القول باختصاص نتيجة الدّليل لحجّيّة
الظّن في الفروع مع القول بكون النّتيجة هي حجّيّة الظّنالشّخصي إلاّ إذا
فرض ارتفاع الظّن الشّخصي من إحدى الأمارتين لا من جهة المعارضة بل من جهة
القياس القائم على خلافها أو سائر الظّنون الغير