الجزء الرابع في التعادل و التراجيح و ما يتعلق بهما
بسم اللّه الرّحمن الرحيم و به نستعينالحمد للّه ربّ العالمين و صلّى
اللّه على محمّد و آله الطّيّبين الطّاهرين و لعنة اللّه على أعدائهم
أجمعين إلى يوم الدّين في شهادة تمام الموازين على كون المسألة من مسائل علم الأصول
قوله
قدس سره في التّعادلو التّرجيح و حيث إنّ موردهما الدّليلان المتعارضان إلخ(1) أقول
بالحريّ قبل التّكلّم في حقيقة التّعارض و بيان مورده و حكمه أن نشرححال
المسألة من حيث كونها من مسائل العلم فنقول لا إشكال في كونها منها نظرا
إلى شهادة جميع ما جعلوه ميزانا لتمايز مسائلالعلوم من الموازين الخمسة
على دخولها في مسائل علم الأصول و تطابقها بأسرها عليها بعد جعل موضوع
البحث و المسألة الدّليل القائمعلى الحكم الشّرعي الكلّي كما هو واضح و إن
قام على بيان الموضوع الكلّي للحكم حيث إنّه راجع إلى الدّليل على الحكم
كما ستقف عليه لا الأعمّ منه وممّا قام على تشخيص الموضوع الخارجي و إن
أطلق الدّليل عليه فإنّ مجرّد الإطلاق لا يجدي مع وضوح المراد أ لا ترى
استدلالهم فيماسيجيء على نفي التّرجيح في الأخبار بنفيه في البيّنات و
الجواب عنه بكونه قياسا مع الفارق و غيره ممّا ستقف عليه فإنّ في هذا
الاستدلالو الجواب شهادة واضحة على خروج الأمارات الموضوعيّة عن حريم
البحث أمّا
صدق التّعريف فواضح سواء عرّف بأنّه العلم بالقواعدالممهّدة لاستنباط
الأحكام الشّرعيّة أو العلم الباحث عن أحوال الأدلّة كوضوح كون البحث في
المسألة بحثا عن عوارض موضوع علمالأصول أي الأدلّة و إن جعل للوصف
العنواني مدخلا في موضوعيّته ضرورة كون البحث في المسألة عن تعارض ما فرغنا
عن دليليّتهو إن حكم بسقوط أحدهما عن الحجيّة الفعليّة تعيينا أو تخييرا
أو كلاهما بالتّعارض إن لم يرجع النّزاع في التّساقط إلى النّزاع في
شمولدليل الحجيّة للمتعارضين بحيث يرجع إلى البحث عن الحجّيّة فتأمل
فإنّ هذا غير عدم حجّيّتهما شأنا أو عدم حجّيّة أحدهما كذلكو لو من جهة
إناطته بالظّن أو بعدم الظّن على الخلاف فإنّه خارج عن موضوع المسألة يقينا
كما ستقف عليه و ظهور وجود خواصّالمسألة الأصوليّة فيها ضرورة عدم انتفاع
العامي بها و عدم حظّ له فيها و اختصاصها بالمجتهد و المستنبط و إن كان
بالعرضمن جهة اختفاء وليّ اللّه و حجّته و غيبته عن الأنظار كما هو الشّأن
بالنّسبة إلى جميع مسائل هذا العلم و إلاّ فحكم اللّه الأصوليكالفقهي
مشترك في نفسه بين المجتهد و العامي و من هنا كان يعمل من أدرك فيوضات حضور
الأئمّة عليهم السلام بالأخبار و يعالج معارضاتها بماورد منهم عليهم
السلام في التّرجيح و التّخيير و إن كان عاميّا و إن جاز له الأخذ بالفتوى
أيضا هذا و أمّا
تدوين المسألة في علم الأصول و تصريحمهرة الفنّ بكونها من مسائل العلم
فأوضح من أن يخفى بل أقول كون المسألة من مسائل هذا العلم هو المتيقّن من
بين مسائله لتطرّقالمناقشة إلى أكثرها بل كلّها إلاّ ما شذّ و ندر من حيث
دخولها في مسائل العلم نظرا إلى كون مباحث الألفاظ بأسرها من
المبادياللّغويّة حيث إنّ الموضوع فيها نفس الألفاظ لا ما ورد في خصوص
الكتاب و السّنة و إن كان الغرض متعلّقا بمعرفة و كثير منها مثل مسألةوجوب
المقدّمة و حرمة الضّدّ و امتناع اجتماع الأمر و النّهي و مسألة التّحسين و
التّقبيح و أمثالها من المبادي الأحكاميّة و من هناوقع التّكلّم في أكثر
كلمات القدماء بل المتقدّمين من الخاصّة و العامّة في علم الأصول في
القسمين من المبادي حتّى شيخنا البهائي قدس سره