التّفصيل المذكور على القول باعتباره من باب الظّن من حيث إنّ كلّ استصحاب
وجودي لا ينفك دائما عن استصحاب عدميّ يستلزممن الظّن الحاصل منه الظّن
ببقاء المستصحب الوجودي قوله
خصوصا بناء على ما هو الظّاهر المصرّح به إلخ(1) أقول
الوجه فيأولويّة ورود الإشكال و خصوصيّته له بناء على القول بكون النّزاع
في المسألة صغرويّا على ما صرّح به في مجلس البحث هوأنّ حصول الظّن ببقاء
الوجود من ظنّ بقاء عدم ضدّه وجدانيّ لا يقبل الإنكار فإذا كان الوجه في
اعتبار الاستصحاب هو حصولالظّنّ ببقاء الحالة السّابقة فلا يعقل التّفصيل
فيه بين الوجودي و العدمي و هذا بخلاف ما إذا كان النّزاع كبرويّا فإنّه
يعقلالتّفصيل بين الوجودي و العدميّ من حيث قيام الدّليل على اعتبار الظّن
في أحدهما دون الآخر و إن كان هذا التخيّل أيضا فاسداحسب ما ستقف عليه إن
شاء اللّه قوله
و أضعف من ذلك أن يدّعى إلخ (2) أقول
الوجه فيما ذكره هو أنّه إذا كان الظّن بشيءمعتبرا من حيث كونه طريقا
إليه وجب الالتزام بجميع لوازمه من الشرعيّة و العقليّة و العادية لكونه
قضيّة اعتباره من حيث الطريقيّةمن غير فرق في ذلك بين أن يكون اعتباره من
جانب الشّارع أو بناء العقلاء على جعله طريقا و سلوكه في مقام الإطاعة
والامتثال نعم
لا إشكال في التّفكيك بين الظّن بشيء و بلازمه في الاعتبار فيما كان
الظّن موضوعا كما لو قال الشّارع تجبالصّلاة إلى الجهة الّتي يظنّ كونها
قبلة فإنّ الظّن بكون جهة قبلة يستلزم الظّن بدخول الوقت إذا تجاوزت الشّمس
عنها إلاّأنّ الظّن بالقبلة معتبر دون الظّن بالوقت الّذي يلزم من الظّن
بالقبلة لما عرفت من أنّ ترتيب الشّارع حكما على مظنون لا يستلزممنه
التّعدّي إلى غيره و يمكن أن يلتزم بالتّفكيك في الفرض و أمثاله و إن كان
اعتبار الظّن فيه من حيث الطّريقيّة بأن يقال إنّاعتبار الشّارع للظّن
بالقبلة مثلا إنّما هو من حيث انسداد باب العلم بها و هذا المناط لما علم
فقده بالنّسبة إلى الوقت فلامعنى للتّعدّي من اعتبار الظّن بالقبلة إلى
الظّن بالوقت و حاصل هذا الوجه يرجع إلى إمكان التّفكيك فيما لو فقد المناط
المعلوماعتباره بالنّسبة إلى الظّن باللاّزم و لكن ما لم يعلم ذلك يبنى
على عدم التّفكيك هذا ما يقتضيه التّحقيق في اعتبار الظّن بقول مطلقو أمّا
في خصوص المقام فلا معنى للتّفكيك أصلا للعلم بعدم الفرق في بناء العقلاء
في الأخذ بالظّن الاستصحابي بين حصوله مننفس الاستصحاب الجاري في مورد أو
من استصحاب آخر يستلزمه و هذا الّذي ذكرنا هو الوجه في عدم فرق أكثر
القائلين باعتبار الاستصحابمن باب الظّن بين الأصول المثبتة و غيرها و هو
الّذي يقتضيه التّحقيق على هذا القول لما قد عرفت وجهه و ستعرفه تفصيلا في الإشارة إلى عدم الفرق في الاستصحاب بناء على الظّنّ بين المثبت منه و غيره
نعميبقى على هذا إشكال و هو أنّهم يفرقون في اعتبار الأصول المثبتة بين
اللّوازم و المقارنات حسب ما نسب إليهم الأستاذ العلاّمةفي مجلس البحث و
كذا يظهر من بعضهم الفرق بين اللّوازم البعيدة في غاية البعد و القريبة مع
أنّ قضيّة ما ذكرنا عدم الفرق فيذلك كلّه كما لا يخفى هذا و لعلّنا نفصّل
القول في المقام فيما سيجيء إن شاء اللّه تعالى قوله
و لعلّه المراد بما حكاه التّفتازاني إلخ(3) أقول
لا يخفى عليك أنّ ظاهر ما حكاه التّفتازاني عن الحنفيّة لا دخل له بالمقام
لأنّ كلامنا في إثبات الأمر الوجودي من جهةإجراء الاستصحاب في الأمر
العدميّ لا في جواز التّفكيك فيما يترتّب على المستصحب الوجودي حسب ما يفصح
عنه ما حكي عن الحنفيّة فتدبّر قوله
أو الشّك في بقاء الأعدام السّابقة إلخ(4) أقول
قد عرفت في طيّ كلماتنا السّابقة الإشكال في عدّ الشّك في انقلابالعدم
بالوجود من الشّك في الرّافع و ستعرف الإشكال فيه من الأستاذ العلاّمة أيضا
و لعلّه الوجه فيما حكي عن الفاضل القزوينيفي لسان الخواص من نسبة القول
بمنع اعتبار الاستصحاب في العدمي إلى بعض مع ذهابه إلى اعتباره في الوجودي و
كيف كان هذاالإشكال لا دخل له بالمقام لأنّه على فرض وروده يمنع من اعتبار
الاستصحاب في العدميّات رأسا و كلامنا إنّما هو على فرض اعتبارالاستصحاب
في العدميّات كما لا يخفى ثمّ
إنّ حاصل الإشكال الّذي ذكره دام ظلّه من حيث اتّحاد هذا التّفصيل مع
التّفصيلالمختار فلا معنى لعدّهما قولين في باب الاستصحاب هو أنّه إذا كان
المستصحب عدميّا فلا إشكال في اتّحاد التّفصيلين و أمّا إذا كانوجوديّا
فرض كون الشّك في بقائه مسبّبا عن الشّك في وجود الرّافع له في الآن
الثّاني فلما قد عرفت و ستعرف من أنّه إذاكان الشّك في أحد الشّيئين مسبّبا
عن الشّك في شيء آخر فلا يجتمع معه في الدّخول تحت عموم الأخبار النّاهية
عن نقض اليقينبالشّك بل الدّاخل هو الشّك السّببي سواء كان مقتضى اليقين
السّابق في كلّ منهما متعارضا مع مقتضى اليقين السّابق في الآخرأم متعاضدا و
كذا الكلام على القول باعتبار الاستصحاب من باب الظّن نعم
لو فرض في مورد عدم جريان الأصل في الشّكالسّببي أو معارضته بما هو في
مرتبته جرى الأصل في الشّك المسبّب كما في ملاقي الشّبهة المحصورة على ما
عرفت شرح القول فيه في