العلّة في الأصل هو القدر المشترك بينهما ظنّا فيؤخذ بالجامع و يلقى الفارق
بينهما بحسب الظّن فإلحاق النّبيذ بالخمر في الحكم منجهة الظّن بكون
المناط هو الإسكار الموجود فيهما قياس لكن إلحاقه به من جهة ورود الدّليل
على وجود الحكم في النّبيذ بما حكم بهفي الخمر ليس من القياس في شيء
فإثبات الحكم في المقام في الحالة الثّانية من جهة دلالة الأخبار على وجوب
إجراء الحكم الثّابت فيالحالة الأولى في الحالة الثّانية خارج عن القياس
موضوعا لا أن يكون مخصّصا لما دلّ على حرمة العمل بالقياس و منافيا له هذا
مع أنّهناك وجها آخر يمكن أن يحكم بملاحظته على عدم كون إثبات الحكم في
المقام من جهة الأخبار قياسا و خروجه عنه موضوعا و هو أنّهلا شكّ و لا ريب
أنّه كما لا يتحقّق القياس إلاّ مع تعدّد الموضوع و كون الحكم من جهة
استنباط المناط كذلك لا ريب في عدم تحقّقه إلاّمع وحدة المحمول و من
الظّاهر أنّ الحكم الثّابت بالأخبار غير الحكم الثّابت أوّلا في الحالة
السّابقة ضرورة أنّ الحكم الثّابت بالأخبارالنّاهية عن نقض اليقين بالشّك
حكم ظاهري من حيث تقيّده بالشّك و عدم العلم بالخلاف و الحكم الثّابت في
الحالة السّابقة حكمواقعيّ فلا دخل لأحدهما بالآخر هكذا أفاده الأستاذ
العلاّمة دامت إفادته هذا كلّه على المختار من اختصاص دلالة الأخبار
بالشّكفي الرّافع و أمّا إن قلنا بشمولها للشّك في المقتضي أيضا حسب ما
عليه بناء الأكثرين ممّن تمسّك بها فالتّفصّي عن الإشكال على
تقديرهكالتفصّي على تقدير التّخصيص بما هو المختار هذا كلّه على تقدير
القول باعتبار الاستصحاب من باب الأخبار في الفرق بين الاستصحاب و القياس بناء على اعتبار الأوّل من باب بناء العقلاء
و أمّا على القول باعتبارهمن باب حكم العقل و بناء العقلاء على التّمسك به
حسب ما عليه بناء المتقدّمين من الخاصّة و جميع العامّة فقد ذكر الأستاذ
العلاّمةدام ظلّه في التفصّي عن الإشكال على تقديره في طيّ جملة كلام له في
أثناء البحث أنّ بناء العقلاء على الأخذ به دليل على الإلحاق
كالأخبارفيخرج عن القياس (1) أقول
و يشكل ما ذكره دامت إفادته بأنّه لو كان المراد من الخروج هو الخروج
الموضوعي حسب ما هو الظّاهر من الكلامالمذكور فكيف يجتمع ذلك مع كون بناء
العقلاء على الأخذ بالاستصحاب من جهة حصول الظّن بأنّ المناط هو القدر
المشتركبين الحالتين فهذا كما ترى بناء منهم على الأخذ بالقياس في بعض
الموارد و إن كان هو الخروج الحكمي فكيف يجتمع ذلك مع قيامالإجماع و دلالة
الأخبار المتواترة بل الضّرورة على حرمة العمل به لا يقال
حرمة العمل بالقياس ليست بحسب الذّات و إنّما هي منجهة التّشريع كما في
الأمارات الّتي يحكم بعدم اعتبارها و حرمة العمل بها من حيث الشّك في
حجّيتها غاية ما هناك أنّ حرمة العملبالقياس بهذا العنوان إنّما ثبت من
جهة الدّليل الخاصّ و حرمة العمل بها إنّما ثبت من جهة ما دلّ على حرمة
التّشريع عموما منالعقل و النّقل فإذا كانت حرمة العمل به من باب التّشريع
فلا مانع من الأخذ ببناء العقلاء على العمل به من حيث ارتفاع
موضوعالتّشريع ببناء العقلاء على سلوكه من حيث إنّ قبح التّشريع ثابت
عندهم فبناؤهم على سلوكه لا يجامع مع التّشريع و إن هو إلاّنظير بنائهم على
الأخذ بخبر الثّقة في الأحكام الشّرعيّة بل في مطلق أحكام الموالي لأنّا نقول
حرمة العمل بالقياس و إن كانتتشريعيّة إلاّ أنّ قطعيّتها تمنع من قيام
الدّليل على جواز العمل به الّذي يلازم ارتفاع موضوع التّشريع و إلاّ لما
بقي فرق بين القياس و غيره ممّا يحكم بحرمته من جهة عموم ما دل على حرمته
التشريع فإنّ حرمة العمل بكلّأمارة من حيث التّشريع قطعيّة فخصوصيّة
القياس من بين سائر الأمارات إنّما هي من حيث قابليّتها لقيام الدّليل على
اعتبارهافيرتفع موضوع التّشريع و عدم قابليّته لذلك و بالجملة القطع بحرمته
من حيث الخصوص من جهة التّشريع يقتضي القطع بعدمارتفاع موضوع التّشريع
بالنّسبة إليه و لأجل ما ذكرنا ضاق المجال على القائلين بحجيّة مطلق الظّن
من جهة برهان الانسدادبحرمة العمل بالقياس مطلقا و لو في زمان الانسداد و
وقعوا من جهته في حيص و بيص و لم يأتوا مع كثرة ما جرى الكلام بينهم
بشيءيندفع به الإشكال و إن كان الأمر كما ذكرت فأيّ احتياج إلى ارتكاب هذه
التّجشّمات الّتي ذكروها في التّفصّي عن خروجه هذاملخّص ما جرى في المقام
من النّقض و الإبرام و لكن الّذي يحسم أصل الإشكال هو أن يقال بفساد جعل
الاستصحاب من القياس موضوعامع قطع النّظر عن الأخبار و غيرها من أدلّة
اعتباره أمّا في الشّك في الرّافع فواضح لأنّك قد عرفت أنّ صدق القياس لا
يمكنإلاّ مع تعدّد الموضوع و الموضوع في الحالتين في الشّك في الرّافع
متّحد و إلاّ لما تحقّق الشّك في الرّافع ضرورة أنّ الشّك فيثبوت حكم
موضوع لموضوع آخر لا دخل له به لا يسمّى بالشّك في الرّافع و بعبارة أخرى
أوضح أنّه لا شكّ في صدق الإبقاءعلى الالتزام بالحكم في الشّك في الرّافع و
في صدق النّقض على عدمه فيه حقيقة و هما لا يصدقان إلاّ مع وحدة الموضوع و
هيتنافي صدق القياس حسب ما هو قضيّة الفرض من اشتراط تعدّد الموضوع في
موضوع القياس فإن قلت إنّ الالتزام بالحكم في الشّك في الرّافع لا يسمّى
إبقاء فقد خالفت الوجدان و إن قلت بمنع الملازمة بين صدق الإبقاء و وحدة
الموضوع فقد التزمت بما