من الواقع و الظاهر فإذا بني على وجود الركوع مثلا بعد الدخول في السجود
عند الشكّ فيه أو على وجود السجود بعد الدخول في غيره إذا شكّ فيه فلا
بدّمن أن يحكم بأن المراد ممّا دلّ على اعتبار الركوع و السّجود في الصّلاة
أعمّ من الواقعيّة و الظاهريّة و هكذا و هذا مضافا إلى لزومه الإجزاء في
جميعموارد الأصول و الأمارات و لو في الموضوعات كما ترى فالذي يقتضيه
التحقيق الذي لا بدّ منه و لا مناص عنه البناء على كون مؤدّى
الأمارةالمعتبرة و مجرى الاستصحاب نفس الواقع الأوّلي بحسب الآثار و
الأحكام بجعل الشارع ما دامت الأمارة قائمة و الأصل جاريا بأن لا
يعلمالخلاف و بعد تبيّن الخلاف و الخطاء يبنى على ترتيب آثار الواقع من
أوّل الأمر كما هو شأن الحكم الظاهري فليس هنا تخصيص لا بحسب الواقع ولا
بحسب الظاهر و لا تصرّف في موضوع الخطاب الواقعي بتعميمه لما يشمل مفاد
الأصل و الأمارة أصلا و إنما هنا حكم آخر في مرحلة الظاهر والجهل بالواقع
بوجوب البناء على كون مؤدّى الأمارة مثلا عين الواقع ما دامت قائمة و أين
هذا من الحكومة و قد أشرنا إلى هذا في طيّ أجزاءالجزء الأول من التعليقة
التنبيه الثاني من تنبيهات نفي الضّرر
الثّاني
أنّك قد عرفت في طيّ الأمر الأوّل أنه لا شبهة في لزوم الخروج عن مقتضى
القاعدة مع حكومتها علىالعمومات المثبتة للحكم الضرري بما يكون أخصّ منها
كما ورد في الشرعيّات فإذا ورد فيها وجوب الغسل على المريض المجنب عمداو إن
أصابه من المرض ما أصابه بالطريق المعتبر فيلزم الإفتاء به كما أفتى به
بعض و هذا ممّا لا إشكال فيه أصلا إنما الإشكال في التمسّك بهافيما شكّ في
ورود المخصّص عليها نظرا إلى ما يقال بل قيل بأنها من العمومات التي خرجت
أكثر أفرادها منها فيصير موهونة فإنه يظنّ بملاحظةأكثريّة الخارج بأن
المراد منها ليس هو العموم بل المعنى المعهود عند التخاطب حتى لا يرد عليه
ذلك سيّما مثل هذا العموم الوارد في مقام الامتنانو ضرب القاعدة و الأصل
الآبي عن التخصيص فضلا عن كثرته فضلا عن أكثريّته هذا و لكن يمكن التفصّي
عن الإشكال كما في الكتاب بعد منعأكثرية التخصيص إذ المسلّم على تقدير
الإغماض كثرته لا أكثريّته فإن الخارج منها محصور بباب النفقات التي لا
يحصل بإزائها عوض دنيويّ كنفقة الحيواناتمثل نفقة الوالدين و الأولاد و
الزوجة على تأمّل و الحقوق الماليّة كالزكاة و الخمس و الجهاد و الحجّ و
نحوها و الحدود الإلهيّة لا مثل القصاصو الديات و نحوهما التي شرعت من جهة
نفي الضرر و حفظ النفوس و النظام فهي نظير الضمان المشروع بنفي الضرر بأن
من المحتمل كون خروجهابعنوان واحد أو عناوين متعدّدة لا يبلغ الحدّ المذكور
فإن الموهن كثرة الإخراج و التخصيص لا كثرة المخرج و لو كان بتخصيص أو
تخصيصات قليلةكما يشهد له المثال الذي ذكره قدس سره في الكتاب فإذا جوّزنا
ذلك و أنّ المخاطبين كانوا عالمين به و إن لم نعلم به لا يجوز الحكم بطروّ
الوهن في العمومو من هنا ترى الفقهاء يتمسّكون بتلك الأخبار في المسائل
الفقهيّة الضّرريّة و لا يرفعون اليد عنها إلاّ بمخصّص قويّ و بمثل ذلك
يتفصّى عن ورودالإشكال المذكور على كثير من العمومات مثل عمومات نفي الجرح و
إن تفصّى عنه في العوائد بأنّ ملاحظة الأجر و الثواب فيما نراه شاقّا يرفع
المشقّة فلم يردعليها تخصيص أصلا و هذا مثل ما قيل بالنسبة إلى عمومات نفي
الضرر من أنّ ملاحظة كثرة الأجر يوجب رفع الضرر فليس هناك تكليف
ضرريّأصلا و فيه ما فيه و مثل عموم الوفاء بالشرط بناء على عدم اختصاصه
بالالتزام و الإلزام في ضمن خصوص البيع كما عن القاموس و عمومه لكلّ
إلزامو التزام و لو كان ابتدائيّا فإن الشروط الابتدائيّة في الجملة و
الشروط في ضمن العقود الجائزة كنفس العقود الجائزة و ما يخالف الكتاب و
السنّة وما يخالف مقتضى العقد خارجة عنها بالتخصيص و مثل عموم الوفاء
بالعقد كقوله أوفوا بالعقود بناء على عدم إرادة العهد الذهني و الخارجي من
العقدو شموله لكل عهد و من هنا ترى الفقهاء يتمسّكون بتلك العمومات في
المسائل عند الشكّ في التخصيص من دون تأمّل و ليس ذلك إلاّ من جهةمنع
أكثريّة المخرج أو منع العلم بأكثريّة الإخراج و تجويز كون إخراجها عند
المخاطبين بتلك الخطابات العامّة بعنوان واحد أو عناوين قليلةالتنبيه
الثّالث
الثالث
أنّ الظاهر من الأخبار المذكورة كما لا يخفى على من راجع إليها كون المنفي
الضرر الشخصي و عليه ينطبق كثير من كلماتهم في الفقهكما في باب شراء
الماء للوضوء أو الغسل حيث اعتبروا فيه حال المكلّف و باب الصوم و نحوهما
إلاّ أنّهم تمسّكوا بها أيضا فيما لا اطّراد فيها للضرر كما فيباب
الخيارات من الغبن و العيب و الشفعة و غير ذلك فأثبتوا الخيار من جهة الأصل
المذكور مع أن لزوم العقد ليس يلزمه الضرر في هذه المواردبالنسبة إلى جميع
الأشخاص و جميع الحالات بل قد ينفكّ عنه كما في الموارد التي ذكرها قدس
سره في الكتاب و يمكن التفصّي عنه بأن تمسّكهم بالأصلالمذكور فيما لا
يطّرد فيه الضرر لا بدّ من أن يحمل على التأييد للدليل القائم عندهم على
الحكم في تلك الموارد و إن كان خلاف ظاهر كلماتهم فيها فإنمضايقتهم عن
لحوق الحكم للضرر الغالبي و النوعي في غير تلك الموارد دليل على كون الضرر
حكمة عندهم للحكم في تلك الموارد لا علّة حتى يلزم اطّرادهو حمل كلامهم في
مقام التوسعة على الغفلة عن المضايقة في مواردها لا يناسب ساحة شأنهم فلا
بدّ من الحمل على ما ذكرنا و إن كان بعيدا في باديالنظر و أما ما أفاده
شيخنا قدس سره في الكتاب بالنسبة إلى أخبار المقام كدليل نفي الحرج فلا
ينطبق على كلماتهم في جميع الموارد فراجعالتنبيه الرّابع
الرّابع
أنه لا فرقفي مفاد الأصل المذكور بين الأحكام الإلزاميّة و غيرها من
الأحكام الخمسة فكما أن وجوب الفعل منفي إذا كان ضرريّا و كذا تحريمه إذا
ترتّب الضرر على