على التّكرار لا مطلقا و بعضها يقتضي التّفصيل من وجه آخر كما لا يخفى على
النّاظر إليها و من هنا صارت المسألة ذات وجوه و إن لم نقف على منيفصّل في
المقامات الثّلاثة بين ما يتوقّف على التّكرار و غيره و إن كان الأوّل
أولى بالمنع عند شيخنا قدّس سرّه بل ظاهره وجود التّفصيل حيثإنّه استظهر
في الأوّل الإجماع على المنع عند التّمكن من العلم التّفصيلي و في الثّاني
استظهر عدم الإجماع بل كلامه صريح في وجود القول بالتّفصيلهذا في أنّ الوجوه الثّمانية المذكورة لا تصلح للمنع على جواز الاكتفاء بالعلم الإجمالي مطلقا
و يستدلّ للثّاني أي القول بجواز الاكتفاء مطلقا بما عرفت من حكم العقل و
العقلاء مع عدم ما يصلح للمنع عنه في الشّرعيات مطلقاعدا ما عرفت من الوجوه
الثّمانية و شيء منها لا يصلح مانعا لعدم تماميّته أو عدم اقتضائه المنع
على تقدير تماميّته أمّا الوجه الأوّل
و هواستظهار الإجماع القولي على المنع فلأنّه مع اختصاصه بما تمكّن من
العلم التفصيلي فيما يتوقّف على التّكرار كما أنّ شيخنا الأستاذ
العلاّمةقدّس سرّه استظهره في خصوص هذا الفرض و نفاه فيما يتمكّن من العلم
التّفصيلي فيما لا يتوقّف على التّكرار فضلا عن غيره لا دليل على
اعتبارهفي المقام بل و لا غيره كما حقّق في محلّه و أمّا الوجه الثّاني
فلأنّه لا دلالة له على حكم المقام و إن قلنا بحجيّة نقل الإجماع مع أنّ
فيه ما فيه كماستقف على تفصيل القول فيه مع أنّه كسابقه لا يقتضي المنع في
جميع الصّور بل فيما يتمكّن من العلم التّفصيلي فتدبّر
لأنّ الإجماع المدّعىفي كلام السيّد الرّضي و الرّسي قدّس سرّهما الّذي
قرّره علم الهدى إنّما هو في الجاهل المركّب القاصر أو الأعمّ منه و
المقصّر المخالف علمه للواقع و أينهذا من الجاهل البسيط الباني على إحراز
الواقع بالاحتياط و في جواب علم الهدى بتكلّف تطبيق عمل الجاهل للواقع
دلالة واضحة على ما ذكرناو إن كان جوابه بل الأجوبة المذكورة عن الشّبهة في
كتب القوم غير تامّة عند التّحقيق كما ستقف على تفصيل القول فيه إلاّ أنّ
الغرض غير متعلّقبتماميّة الجواب بل بكشفه عن مرامه بل التّسالم على كونه
غير عالم مع فرض ثبوت الاعتقاد الجزمي له يكشف أيضا عمّا ذكرنا في
بيانمرادهم هذا و أمّا الوجه الثّالث
فلأنّه على تقدير تسليم سيرة المتشرّعة على عدم سلوك الاحتياط مع وجود
الطّريق و الإغماض عن منعهارأسا أو عن الانتهاء إلى زمان الحجّة لا تدلّ
على المنع عن الاكتفاء بالامتثال الإجمالي مع التّمكن من الامتثال
التّفصيلي مطلقا مع عدم العلم بعنوانترك سلوك الاحتياط و جهته و احتمال
كون اختيارهم لسلوك الطّريق التّفصيلي و عدم سلوكهم للاحتياط من جهة
الاحتياط أو السّهولةأو غير ذلك ممّا لا يجدي نفعا بل يضرّ بحال المتمسّك
بالسّيرة كما لا يخفى و بعبارة أخرى
المسلّم على تقدير الإغماض مجرّد سلوك الطّريقالتّفصيلي و ترك الاحتياط و
الفعل و التّرك لا دلالة لهما على العنوان الّذي هو المعروض للحكم الشّرعي
و الموضوع له فإن كان الغرض التّمسّكبالأوّل ففيه ما لا يخفى و إن كان
بالثّاني فقد عرفت أنّه لا يجدي في المقام مع ما عرفت من الاحتمالات في جهة
التّرك هذا و أمّا الوجه الرابع
فلأنّه يرد عليه مضافا إلى اختصاصه بالشّبهات الحكميّة كما هو واضح أنّ
وجوب تعلّم الأحكام الفرعيّة بالوجوب الكفائي النّفسي من حيث حفظالدّين و
الشّرع و الأحكام الإلهيّة عن الانطماس و الاندراس لا يجدي دليلا على
اعتبار العلم التّفصيلي في صحّة العمل و بالوجوب الغيري فيما يتوقّفإحراز
الواقع و تحصيله عليه و إن دلّ على توقّف صحّة العمل عليه إلاّ أنّه فيما
يتوقّف تحصيل الواقع عليه فلا يجدي في المقام أيضا إذ المفروض إحرازالواقع و
تحصيله بالاحتياط فلا يمنع منه هذا في بيان الوجه للقول باعتبار قصد الوجه في العبادة
و أمّا الوجه الخامس
فلأنّ ما دلّ على اعتبار قصد الوجه على تقدير تسليم دلالته و الإغماض
عمّافيه لا يمنع من الاحتياط إذ كما يتمكّن من قصد التّقرب بامتثال الخطاب
المردّد كذلك يتمكّن من جعل الدّاعي على الامتثال امتثال الخطاب
الوجوبيبمعنى أنّه يقصد وجوب أحد الفعلين مثلا توضيح ذلك
أنّهم اختلفوا في اعتبار قصد الوجه في صحّة العبادات ظاهر المتكلّمين
الاتفاقعليه و تبعهم على ذلك جمع من الفقهاء و ظاهر آخرين بل صريحهم عدم
اعتباره قال المحقّق قدّس سرّه في محكيّ المدارك عن بعض تحقيقاته والّذي
ظهر لي أنّ نيّة الوجوب و النّدب ليست شرطا في صحّة الطّهارة و إنّما يفتقر
الوضوء إلى نيّة القربة و هو اختيار الشّيخ أبي جعفر الطّوسي في النّهايةو
أنّ الإخلال بنيّة الوجوب ليس مؤثرا في بطلانه و لا إضافتها مضرة و لو
كانت غير مطابقة لحال الوضوء في وجوبه و ندبه و ما يقوله المتكلّمونمن أنّ
الإرادة تؤثر في حسن الفعل و قبحه فإذا نوى الوجوب و الوضوء مندوب فقد قصد
إيقاع الفعل على غير وجهه كلام شعريّ و لو كان له حقيقة لكانالنّاوي
مخطئا في نيّته و لم تكن النيّة مخرجة للوضوء عن التّقرب به انتهى كلامه
رفع مقامه و قد استجوده في المدارك و ظاهره بل صريحه عدمقدح قصد الخلاف
الّذي قال به جماعة ممّن ذهب إلى عدم اعتبار قصد الوجه و معرفة الوجه و
تفصيل القول في ذلك في الفقه و المقصود التّكلم فيذلك على سبيل الإيجاز
لكي يعلم منه عدم مانعيّة القول بالاعتبار عن الاحتياط فنقول
إنّ الوجه للقول باعتبار قصد الوجه عندالقائلين به هو أنّ عروض الأحكام
الشّرعيّة لأفعال المكلّفين على مذهب العدليّة إنّما هو من جهة انطباق
عناوين عليها مجهولة لناهي الموضوع الأوّلي للأحكام المعروضة للحسن و القبح
إذ ليس المعروض لهما الأفعال من حيث إنّها أفعال كما هو واضح فإن قصد
المكلّف الفعل بذلكالعنوان فترتّبه على الفعل يصير اختياريّا فيكون الفعل
المعنون به اختياريّا ذاتا و وصفا و إن لم يقصده بذلك العنوان فترتّبه على
الفعل على