عنوان ينطبق على عدم العلم أحيانا و لذا يكون الدليل واردا عليها مطلقا و
أمّا الأصول الشرعيّة فلأنّه لم يوجد في شيء من أدلّتها لفظ الشك إلاّفي
أخبار الاستصحاب لكن المراد به خلاف اليقين بقرينة قوله عليه السلام في بعض
أخباره لا تنقض اليقين بالشك بل تنقضه بيقين حيث إنّ مقتضاه حصرناقض
اليقين في اليقين و ثالثة بأنّ المراد من الشك إن كان ما يقابل الظن الشخصي
الفعلي كما هو قضيّة ظاهر لفظي الظّن و الشك فيدخل ما يناطاعتباره بالظّن
النوعي في الأصول مع أنّه خارج عنها جزما كما يصرّح به قدّس سرّه مرارا في
مطاوي كلماته و إن كان ما يقابل الظّن بالمعنى الأعمّمنه و من النّوعي
الثاني فيتوجّه عليه مضافا إلى خروجه عن مقتضى ظاهر اللّفظ من جهة أنّ
المعتبر في مجاري الأصول عدم ملاحظة الظّن والطّريقية لا عدم الظّن بأيّ
معنى اعتبر غاية ما في الباب أنّه إذا وجد في مورد ظنّ معتبر كان وارداً
على الأصل أو حاكما عليه و منه يعلم توجّه هذهالمناقشة على الشق الأوّل
أيضا ثمّ
إنّ المراد من القواعد الشرعيّة هي الأحكام الشرعيّة المتعلّقة بالموضوعات
العامّة الكليّة سواء كان الدّليلعلى ثبوتها حكم العقل أو الدليل الشرعي
فيعمّ الأصول العقليّة و الشرعيّة في بيان الأصل و الدليل و الأمارة
قوله
قدّس سرّه و تسمّى بالأصول العمليّة و هي منحصرة في أربعة(1) أقول
فالمراد بالأصل العملي كلّ حكم تقرّر في الشريعة للمشكوك فهو مقابل الدّليل
و هو ما أنيط اعتباره بالكشف العلمي أو الظّني و لو من حيث النّوع ويطلق
على الثّاني الأمارة أيضاً و قد يختص الدّليل بالكاشف عن الحكم و الأمارة
بالكاشف عن موضوعه ظنّا و توصيفه بالعملي و إضافته إليهإنّما هو من حيث
إنّ إعماله في مقام عدم وجدان الواقع بمقتضى الأدلّة و الأمارات القائمة
عليه فانقدح من هذا أنّ كل حكم ثبت في الشريعةلغير العالم لا من حيث وجود
ما يكشف عن الواقع بل من حيث عدم علمه به يسمّى أصلا و إن سمّي الدّال عليه
دليلا بقول مطلق باعتبار و دليلافقاهتيّا باعتبار آخر و ليكن هذا على ذكر
منك لعلّه ينفعك فيما يتلى عليك في مطاوي كلماته قدّس سرّه إن شاء اللّه
تعالى ثمّ
إنّ ما أفادهفي مجاري الأصول حاصله أن الاستصحاب مشروط بوجود الحالة
السّابقة و ملاحظتها من غير فرق بين إمكان الاحتياط و عدمه و كون الشكفي
التكليف و في المكلّف به و غيره مشروط بعدم ملاحظة الحالة السّابقة و إن
كانت موجودة بل غير منفكّة كما في أصالة البراءة على التّحقيق وإن زعم بعض
خلافه و أصالة لزوم الاحتياط و إن تفارقت من حيث اعتبار عدم إمكان الاحتياط
في مورد أصالة التّخيير من غير فرق بين الشّكفي التكليف و المكلّف به و
اعتبار إمكانه في موردي أصالتي البراءة و الاحتياط و إن افترقا من حيث
اعتبار الشّك في التكليف في مورد أصالة البراءة و الشّكفي المكلّف به في
مورد أصالة الاحتياط هذا ثمّ إنّ هنا إشكالين و وهمين في بيان الإشكال المتوجه على حصر الأصول في الأربعة مع دفعه
أحدهما
يتوجّه على حصر الأصول في الأربعةو ثانيهما
على ما أفادهقدّس سرّه في بيان تحديد مجاري الأصول أمّا الإشكال الأوّل
فملخّصه أنّ الحصر الّذي أفاده و إن استفيد من التّرديد بين النّفي و
الإثبات و ماهذا شأنه يكون عقليّا كما صرّح به في أوّل أصل البراءة و هو
واضح إلاّ أنّ مقتضاه حصر الشّك فيما أفاده من الأقسام الأربعة لا
حصرالأصول في الأربعة ضرورة أنّه يحتاج إلى ضمّ مقدّمة خارجيّة و هو حصر
جميع ما يجري في الشّك في التكليف مثلا في أصالة البراءة منالخارج و هكذا
في الشك في المكلّف به و غيره فلا بدّ من ضمّ الاستقراء حتّى يتم الحصر
فإذا يتطرّق الإشكال على هذا الحصر لا محالة فإنّ هناكأصولا مسلّمة عندهم
غير الأصول الأربعة كأصالة الطّهارة و أصالة الحلّ و أصالة الحظر و الإباحة
في الأشياء قبل الشّرع و أصالة العدمو أصالة عدم الدليل دليل العدم و
أصالة نفي الأكثر عند دوران الأمر بينه و بين الأقلّ و أصالة أولويّة دفع
المفسدة من جلب المنفعة و أصالةالصحّة في فعل النفس و الغير و أصالة
الحريّة في الإنسان و أصالة النسب في الفراش و القرعة في كلّ أمر مشتبه
مشكل إلى غير ذلك هذا و لكنيدفعه أنّ هذه الأصول على أنحاء منها ما يختصّ
بالشّبهة الموضوعيّة و منها ما يختصّ بالشّبهة الحكميّة و منها ما يجري
فيهما فما كان منهامختصّا بالشّبهة في موضوع الحكم كأصالة الصحّة و ما
بعدها من الأصول فلا ينتقض به الحصر جدّا لما قد أسمعناك من أنّ المقصود
الأصليحصر ما يتعلق بالحكم فالأصول الموضوعيّة خارجة عن محلّ الكلام و
حريم البحث و أمّا
ما كان مختصّا بالشبهة الحكميّة أو جاريا فيهمافإن كان المناط فيه الكشف و
الطّريقيّة إلى الواقع أو كان الموضوع فيه الواقع لا الواقع المشكوك فهو
خارج أيضاً عن محلّ الكلام فإنّ الأوّليدخل في الأدلّة و الأمارات و
الثاني يخرج عن الحكم الظّاهري المتعلّق بالموضوع المشكوك ففي الحقيقة يخرج
كلاهما عن موضوع الأصل و منهنا يعلم حال أصالة العدم على القول بكونها
أصلا برأسها معتبرة من حيث بناء العقلاء عليها من حيث الكشف الظّني النّوعي
و أصالة عدمالدّليل دليل العدم بناء على كونها معتبرة على هذا الوجه و
أصالتي الحظر و الإباحة في الأشياء قبل الشرع بناء على كون النّزاع في
الواقعيّينمنهما على ما هو قضيّة بعض وجوه الفريقين و أصالة الحلّ بناء
على كون المراد منها مفاد الأدلّة الاجتهاديّة كقوله تعالى أحلّ لكم
الطيّبات وأحلّ لكم ما وراء ذلك و نحو ذلك من الآيات و قوله كلّ شيء مطلق
حتّى يرد فيه نهي بناء على أحد الوجهين و نحوه من الأخبار فإنّ هذه كلّها
خارجةعن عنوان الأصل بالمعنى الّذي تقدّم ذكره فإنّها أحكام للموضوعات لا
بوصف الشك هذا و أمّا على القول بكون أصالة العدم معتبرة من باب