الموارد اختلاف أنظارهم في ملاحظة ذلك المستمر حادثا واحدا أو حوادث متعددة. والإنصاف: وضوح الوحدة في بعض الموارد، وعدمها في بعض، والتباس الأمر في ثالث. والله الهادي إلى سواء السبيل، فتدبر. وأما القسم الثالث - وهو ما كان مقيدا بالزمان - فينبغي القطع بعدم جريان الاستصحاب فيه. ووجهه: أن الشئ المقيد بزمان خاص لا يعقل فيه البقاء، لأن البقاء: وجود الموجود الأول في الآن الثاني، وقد تقدم الاستشكال [1] في جريان الاستصحاب في الأحكام التكليفية، لكون متعلقاتها هي الأفعال المتشخصة بالمشخصات التي لها دخل وجودا وعدما في تعلق الحكم، ومن جملتها الزمان. ومما ذكرنا يظهر فساد ما وقع لبعض المعاصرين [2]: من تخيل جريان استصحاب عدم الأمر الوجودي المتيقن سابقا، ومعارضته مع استصحاب وجوده، بزعم أن المتيقن وجود ذلك الأمر في القطعة الأولى من الزمان، والأصل بقاؤه - عند الشك - على العدم الأزلي الذي لم يعلم انقلابه إلى الوجود إلا في القطعة السابقة من الزمان. قال في تقريب ما ذكره من تعارض الاستصحابين: إنه إذا علم أن الشارع أمر بالجلوس يوم الجمعة، وعلم أنه واجب إلى الزوال، ولم يعلم وجوبه فيما بعده، فنقول: كان عدم التكليف بالجلوس قبل يوم الجمعة وفيه إلى الزوال، وبعده معلوما قبل
[1] تقدم هذا الإشكال وجوابه في ذيل القول السابع في الصفحة 145 - 148. [2] هو الفاضل النراقي في مناهج الأحكام.