إلا أن يقال: إن احتمال أن يرد من الشارع حكم توقيفي في ترجيح جانب الحرمة - ولو لاحتمال شمول أخبار التوقف لما نحن فيه - كاف في الاحتياط والأخذ بالحرمة. ثم لو قلنا بالتخيير، فهل هو في ابتداء الأمر فلا يجوز له العدول عما اختار، أو مستمر فله العدول مطلقا، أو بشرط البناء على الاستمرار [1]؟ وجوه. يستدل للأول: بقاعدة الاحتياط، واستصحاب الحكم المختار، واستلزام العدول للمخالفة القطعية المانعة عن الرجوع إلى الإباحة من أول الأمر [2]. ويضعف الأخير: بأن المخالفة القطعية في مثل ذلك لا دليل على حرمتها، كما لو بدا للمجتهد في رأيه، أو عدل المقلد عن مجتهده لعذر - من موت، أو جنون، أو فسق - أو اختيارا [3] على القول بجوازه. ويضعف الاستصحاب: بمعارضة استصحاب التخيير الحاكم عليه. ويضعف قاعدة الاحتياط: بما تقدم، من أن حكم العقل بالتخيير عقلي لا احتمال فيه حتى يجري فيه الاحتياط. ومن ذلك يظهر: عدم جريان استصحاب التخيير، إذ لا إهمال في حكم العقل حتى يشك في بقائه في الزمان الثاني. فالأقوى: هو التخيير الاستمراري، لا للاستصحاب بل لحكم العقل في الزمان الثاني كما حكم به في الزمان الأول.
[1] العبارة في (ظ) هكذا: " أو بشرط العزم حين الاختيار على الاستمرار ". [2] كذا في (ر) ومصححة (ص)، ووردت العبارة في باقي النسخ مضطربة. [3] في (ر)، (ص) و (ه): " اختيار ".