هذا، و يمكن حل الإشكال: باختلاف تعلّق الحكمين به من حيث القوّة و الفعل، فإنّ الحكم الواقعي إنّما يتعلّق به شأنا، و الظاهريّ متعلّق به فعلا، و يشترط في التناقض الوحدات الثمانية التي منها القوّة و الفعل.
و أمّا بالنسبة إلى المكلّف- بالكسر- و هو الآمر، فينهض إشكال آخر:
فإنّه و إن لم يكن ما بين خطابي الأمر و النهي- أو النهي و الرخصة بالذات- تناقض، لكنّه يلزم بالنسبة إلى نفس المكلف- بالكسر- فإنّه في حالة واحدة مريد للفعل جزما، و غير مريد له كذلك، أو مبغض له و غير مبغض له، كما إذا كان الحكم الواقعي الوجوب و الظاهري الإباحة، أو كان الحكم الواقعي الحرمة، و الظاهري الرخصة، أو كان الأمر بالعكس فيهما، بأن يكون الحكم الواقعي الإباحة و الرخصة، و الظاهري الوجوب أو الحرمة، فالمكلف- في جميع تلك الصور- نفسه كارهة للفعل و مبغضة له و راضية به، أو مريدة له جزما و راضية بتركه، بل قد يؤدّي إلى كونه كارها للفعل و مبغضا له و مريدا له، كما إذا كان أحد الحكمين الوجوب، و الآخر الحرمة.
و هذا الإشكال أعظم من ذاك كما لا يخفى، و تعدّد الجهة هنا غير مجد أيضا بالضرورة لأنه لا يجعل المكلف- بالكسر- شخصين يكون أحدهما كارها و الآخر راضيا.
و يمكن حلّ ذلك أيضا:
تارة: بأن الموجود في نفس الآمر من جهة الحكم الواقعي بالنسبة إلى الشيء المشكوك حكمه عند المكلف- بالفتح- ليس إلاّ مجرّد العلم بالمصلحة و المفسدة الكامنتين في ذات ذلك الشيء القابلتين للتدارك من الآمر، بحيث يتمكّن هو من جبران فوت الأولى على المكلّف أو الوقوع في الثانية إذا كان الفوت أو الوقوع من جهة قصور المكلف، أو لإذن الآمر في الترك في مورد الأولى، أو في الفعل في مورد الثانية في مرحلة الظاهر لمصلحة من المصالح راجحة