الشارع بعد الفحص و عدم الوجدان، و بعد ملاحظة أن طريقة الشارع كانت تبليغ المحرمات دون المباحات. هذا.
أقول: يتجه على ذلك- مضافا إلى ما ذكره (قدس سره)- بأن ملاحظة هاتين المقدمتين توجب القطع بانتفاء الحرمة في المشكوك، و يصير الشك في حرمته بدويا يزول بملاحظتهما، فيخرج عن الشهادة لما نحن فيه، فافهم.
في الاستدلال بالعقل
قوله- (قدس سره)-: (الرابع: حكم العقل بقبح العقاب على شيء من دون بيان التكليف ... إلى آخره)[1].
(1) المراد بالبيان ليس خصوص العلم، و إلا لقبح العقاب على مخالفة التكاليف القائمة عليها الطرق الظنية المعتبرة، ضرورة أن قيام الأمارة الظنية على تكليف لا يوجب العلم به، فلا يعقل كونها بيانا علميا له، مع أنه لا شبهة في جواز العتاب و حسن العقاب عليها حكم العقل و شهادة العقلاء كافة، بل المراد به الحجة القاطعة للعذر بين الموالي و العبيد، و هي ما لو عمل به العبد و اتفق مخالفته للواقع- بأن كان مؤديا إلى مبغوض المولى- لقبح على المولى عقاب العبد على ذلك، و لو لم يعمل به و اتفق كون مؤداه مطلوبا للمولى لحسن له عقابه عليه [1]، فيعم الطرق الظنية المعتبرة، فإنها و إن لم تكن حججا في أنفسها كالعلم، إلا أنها منزلة منزلة العلم بجعل الشارع و أمره بالعمل بمؤداها و جعله [إياها] مرآة للواقع كالعلم.
لا يتوهم: أنه إذا لم يكن الطرق الظنية بأنفسها حججا- بل بجعل
[1] قبح العقاب في صورة مخالفة الطريق للواقع إنما هو لعدم بيان ذلك التكليف الّذي اتفق مخالفته جهلا.
فإن مجرد نصب طريق من دون قيامه على تكليف لا يكون بيانا لذلك التكليف، و إنما يكون بيانا له إذا قام عليه، بأن يكون موصولا إليه، و حسنه في صورة مصادفته للواقع إنما هو لبيانه بقيام ذلك الطريق عليه بالفرض. لمحرره عفا اللَّه عنه.