منهما. حجة في نفسه، فلا يزاحم شيء منهما الآخر أصلا، إذ لا يزيد شيء منهما حينئذ على نفسه بالنسبة إلى غير صورة التعارض، و المفروض عدم وجوب العمل به في غير تلك الصورة، أو كان أحدهما حجة بعينه و كان ذات الآخر مانعا من وجوب العمل به فعلا، فإنهما حينئذ من مقولة المانع و الممنوع و حكمهما إلقاء الممنوع و العمل بالمانع إذا كان حجة، و إلا فإلقاؤه أيضا.
فحينئذ لا فرق بين الإجماع و غيره، إذ على تقدير كون الدليل على اعتبار الأخبار هو الإجماع فلا يتحقق التعارض بينها إلا بقيامه على حجيتها في حد نفسها.
و بالجملة، بعد فرض كون الخبرين متعارضين، لا معنى لذلك التفصيل بوجه، و عدم التعارض ليس من شرائط الحجية، بل من شرائط العمل، فلذا لم يعده أحد من شرائط الحجية، بل عدوه من شرائط العمل.
مع أنه لو كان من شرائط الحجية، فيكون كل من المتعارضين مانعا عن حجية الآخر، فيكون كل منهما مانعا و ممنوعا من غير فرق بين أن يكون الدليل على الحجية من الأدلة اللفظية و بين ما إذا كان من الأدلة اللبية.
تأسيس الأصل الأولي في المتعارضين و المتزاحمين
قوله- (قدس سره): (فنقول: إن الحكم بوجوب الأخذ بأحد المتعارضين ... إلى آخره)[1].
(1) اعلم أن هاهنا مقامين:
أحدهما: في تأسيس الأصل في حكم المتعارضين من أن القاعدة الأولية العقلية ما ذا تقتضي فيهما؟
و ثانيهما: في أن الخطاب- أعني الدليل اللفظي الدال على اعتبار كل منهما في حد ذاته- في ما ذا استعمل؟