بمعنى انه ليس لها أمر سوى الغيري- أو غير منحصرة فيه، لكنّ المكلّف لم يرد إيقاعها و امتثالها من غير جهة الوجوب الغيري:
فعلى ما اخترناه من لزوم قصد الغير حينئذ لا يقع الفعل إطاعة أصلا إذا لم يكن مع ذلك القصد.
و على القول الآخر يقع طاعة حينئذ، فيكون مبرئا للذمة و محقّقا لشرط تلك العبادة المشروطة بذلك الفعل.
و من أمثلة ذلك- التي ذكرها بعضهم، بل جمع على ما نسب إليهم- وضوء من عليه قضاء الصلوات مع عدم إرادته لفعلها بذلك الوضوء، بل إرادته غاية أخرى غير الإتيان بها كأن فعله للزيارة أو لقراءة القرآن و نحوهما، و هذا مما انحصر جهة الامتثال فيه في الوجوب الغيري، فإنّ الظاهر انّ الوضوء حقيقة واحدة مع تعدّد غاياتها، و ليس هو لغاية معيّنة مخصوصة حقيقة غيره مع غاية أخرى [1]، كما انّ الحال في الغسل كذلك، حيث إنه بالنسبة إلى كلّ غاية حقيقة مغايرة له بالنسبة إلى غاية أخرى، فغسل الجنابة غير غسل الزيارة، و هو لمسّ الميّت غيره للحيض أو النفاس أو الاستحاضة، بخلاف الوضوء، حيث إنه مع كلّ غاية حقيقة متّحدة معه مع غاية أخرى [2]، و لا ريب أنّه إذا كان حقيقة
[1] و لذا قال ثاني الشهيدين (قدهما)- في الروضة في مبحث الوضوء بعد ذكر لزوم نيّة القربة فيه كما في أمثاله-: (و كذا تميّز العبادة عن غيرها حيث يكون الفعل مشتركا، إلاّ أنّه لا اشتراك في الوضوء حتى في الوجوب و الندب، لأنّه في وقت العبادة الواجبة المشروطة، به لا يكون إلاّ واجبا، و بدونه ينتفي). انتهى كلامه.
و أشار بقوله: (إلاّ أنّه لا اشتراك في الوضوء.). إلى آخر ما ذكره: إلى ردّ الشهيد الأوّل (قده) حيث إنّه عبّر بنيّة الوجوب أو الندب في الوضوء. لمحرّره عفا اللَّه عنه.
[2] لا تخلو العبارة من تشويش، و سليمها هكذا: حيث إنّه مع كلّ غاية حقيقة واحدة متّحدة مع غاية أخرى.