هو في الصحيحة أو في الأعم، و معلوم أن هذا فرع إحراز استعماله لها، و أن العبرة فيما إذا ثبت منه استعمال لها في غير المعاني اللغوية، و دار الأمر بين أن يكون المستعمل فيه هو الصحيح أو الأعم.
مع أن من المقطوع استعماله لجميع ألفاظ العبادات في غير معانيها اللغوية، و هي المعاني المخترعة.
هذا، ثم إن هذه هي الوجوه المشتركة بين الفرق الثلاث.
و قد احتج لكل أيضا بوجوه خاصة:
فمما للقول بوضع الألفاظ للصّحيحة مطلقا
، تنصيص الشارع بكونها أسامي للصحيحة
، أعني ملزوم الصحة بالمعنى المعروف، و ذلك من وجهين:
أحدهما: تصريحه بنفي تلك الأسامي عن فاقدة بعض الأجزاء و الشرائط، كقوله: لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب، و لا صلاة إلا بطهور، و لا صيام لمن لم يجمع الصيام من الليل، و أمثال ذلك.
و ثانيهما: تصريحه بكون تلك الألفاظ أسامي لمعان ملزومة للصحة بطريق الإثبات و الحمل، كقوله: الصلاة قربان كل تقي، أو أنها معراج المؤمن، و أن الصوم جنة من النار، فيدل بمقتضى عكس النقيض، و هو أن ما ليس بقربان أو جنة أو معراج، ليس بصلاة أو صوم، على أنها أسامي للصّحيحة، إذ لا يمكن كون الفاسدة صاحبة لتلك الخواصّ.
هذا، و فيه: أولا أن هذه أخبار آحاد لا تنهض حجة لإثبات الأوضاع، و إنما هي حجة في إثبات الأحكام فحسب، فتأمل [1].
و ثانيا: أن التنصيص عبارة عن القضية الّتي يكون الموضوع فيها اللفظ نفسه، أي اللفظ أو مصداقه باعتبار لفظه، لا معناه، و المحمول الوضع أو ما في معناه، كقولك: لفظ الأرض موضوع لكذا أو معناه كذا، أو أن الأرض موضوع لكذا، أو ليس عبارة عن كذا، أو معناه كذا، أو ليس الأمر الفلاني معناه مريدا
[1] وجهه أنّه لا يبعد حجيّتها في إثبات الأوضاع فحينئذ لا وجه للرّد بذلك لمحرّره عفا اللّه عنه.