الثالث: تصريح صاحب الهداية [1] و الفصول [2] و الضوابط [1] و الإشارات [3] و غيرهم على كون المراد من الصحة المعنى الأخص، بل لم ينسب تصوير النزاع في المعنى الأعم إلاّ إلى ظاهر البهبهاني (قدس سره).
و اما الوجه الثاني
: فقد زعم أستاذنا العلامة (دام ظله) انحصار مراد الصحيحيين فيه دافعا لاستلزام عدم صحة عبادات أولي الأعذار المعلوم صحتها نقلا و فتوى و اتّفاقا، بمنع الملازمة إن أريد من صحتها الصحة الواقعية الثانوية المستلزمة لترتب آثار الصحة الواقعية الأوّلية، لكونها بدلا عنها، و منع بطلان التالي إن أريد من صحتها الصحة الواقعية الأولية مؤيدا بإطلاقهم البدلية و الإسقاط و الإجزاء على عبادات أولى الأعذار.
و لكن لا يخفى ما في الالتزام بأن مرادهم من الصحة، الصحة الواقعية المستجمعة لجميع الأجزاء و الشرائط الواقعية و العلمية المعتبرة في حق المختار القادر العالم بها، و أنّ ما عداه من عبادات أولي الأعذار إبدال عنه من التكليف و التمحّل، بل لم يطرق أسماعنا اعتراف أحد من الصحيحيين به.
و اما الوجه الثالث
: و إن أمكن إرادته إلا أنه لم يلتزم به أحد من الصحيحيين، حذرا عن استلزامه على القول بثبوت الحقيقة الشرعية تعدد وضع الصلاة مثلا إلى مالا يحصى، و على القول بالعدم استعمال لفظ الصلاة مثلا في أكثر من معنى مجازي في إطلاق واحد.
و اما الوجه الرابع
: فمقتضى ما في الموائد من تعيين الطريق في إرادته، و من تصريح أستاذ أساتيذنا الأعلام به، و من إرساله إرسال المسلّمات بين الصحيحيين، كونه هو مراد الصحيحيين، لا غير، و بعد ذلك لا مجال للإشكال في
[1] انظر ضوابط الأصول: في مبحث الصّحيح و الأعم في تحرير محلّ النزاع عند قوله: «ثم الظاهر أنّ المراد بالصحيح هو الصحيح بالمعنى الأخص لا الأعم.». و قد فسّر الصحيح بالمعنى الأخص بالصّحيح بالنسبة إلى الأجزاء و الشرائط معا و بالمعنى الأعم بالصّحيح بالنسبة إلى الأجزاء فقط.