تساويهما
وتكافئهما في السند ، فتصل النوبة حينئذ إلى الترجيح بمخالفة العامة ، فالمرجح
الجهتي انما يفرض مع التكافؤ ، لأنه مع عدمه لا مجال للترجيح به ، اما لغلبة ذي
المرجح أو لغلبة معارضه. ومع وجود المرجح الصدوري في إحداهما يرتفع التكافؤ فلا
مجال للمرجح الجهتي ، وهو : أي : المرجح الجهتي ـ وان رجع إلى مقام الصدور ، بمعنى
انه موجب لترجيح التعبد بصدور ذيه دون غيره ، إلاّ انه في وجوده لما كان متفرعا
على أصل الصدور كان المرجح الصدوري رافعا لموضوعه ، فيكون حاكما عليه كما تقدم
تقريبه.
وهذا الوجه وان لم
تحرز تماميته ، إلاّ انه يتلاءم مع عبارة الشيخ أولا وآخرا ، ولا تهمنا مناقشته
بعد ما عرفت ان أساس التقديم الّذي ينظر إليه الشيخ ـ وهو الحكومة ـ تام في نفسه ،
فلا يتجه عليه ما أورده المحقق الخراسانيّ ، إذ ذلك لا يتوقف على رجوع المرجح
الجهتي إلى مقام الجهة ترجيحا ، بل هو تام على الالتزام برجوعه إلى مقام الصدور ـ كما
يلتزم به الشيخ ـ لأنه يبتني على تفرع المرجح الجهتي على مقام الصدور موضوعا لا
ترجيحا ولا محذور فيه.
كما انه لا يبتني
على استظهار الترتيب من المقبولة ونحوها ، كي يقال بأنها ليست في مقام البيان من
هذه الجهة ، وانها ليست ناظرة إلى صورة التزاحم بين المرجحات ، فانه لا تزاحم
بينهما بناء على الحكومة أصلا. كما انه لا يتنافى على القول بالتعدي ، لأن مخالفة
العامة انما توجب الأقربية أو الظن بفرض عدم احتمال التقية على فرض الصدور ،
والمرجح الصدوري ينفيه كما عرفت فلا مجال له.
واما ما ادعاه
الميرزا الرشتي قدسسره خلافا للشيخ وجزم به بنحو عجيب وأنكر على الشيخ بتعبير
غريب ، فمحصله : انه يستفاد من الروايات ان المرجح الجهتي انما يكون في مقطوعي
الصدور ، وذلك يستلزم بالبداهة تحكيمه في ظنيهما ، وذلك لأن ظنية الصدور واحتمال
عدمه ان لم يكن موجبا لطرح الخبر فلا يكون موجبا للتعبد به ، فتقديم ذي المزية
الجهتية على غيره في فرض القطع