أولا : ان التعارض في النقلين
وهما ينقلان قول المعصوم وهو واحد لا متعدد ، والانحلال على تقدير في المنقول لا
في النقل.
وثانيا : ان الانحلال المتعقل
انما هو في القضايا الخارجية ، كبيع الصفقة ، والاخبار بفسق هؤلاء ، ونحو ذلك ،
فيكذب من جهة دون أخرى. ولا يتعقل في القضايا الحقيقية ، فلو قال : « السم قاتل »
وتخلف ذلك في بعض الافراد لم يكن الا كاذبا لا صادقا وكاذبا ، وذلك لأن القضية
الحقيقية اخبار بالملازمة بين المحمول والموضوع بلا نظر إلى وجود الموضوع خارجا
والانحلال في مقام التطبيق. والأحكام الشرعية كلها منشأة بنحو القضية الحقيقية لا
الخارجية ، فلاحظ.
واما على القول بوحدة التعبد
في المقامات الثلاثة ، وان مرجع التعبد بالصدور إلى التعبد ، بالمضمون أيضا ، فقد
يتصور سراية التعارض الدلالي إلى التعارض السندي ، لعدم إمكان الجمع بين التعبدين
بصدورهما معا.
ولكنه مبنى فاسد أولا.
وثانيا : لا تساعده اخبار
العلاج إثباتا ، موضوع التعارض المطلق ومن جميع الجهات لا من جهة دون أخرى ،
فلاحظ.
واما ما أفاده السيد الخوئي
في المقام ، فالكلام معه في جهات : في تحديده محل الكلام. وفي تفصيله بين العام
والمطلق. فان غاية تقريبه : ان الإطلاق حيث انه بمقدمات الحكمة ، وهي تجري من قبل
المكلف نفسه والسامع للخبر ، فمع تضاد الحكمين يعلم إجمالا بعدم كونه في مقام
البيان في أحد الإطلاقين ، فلا تتم مقدمات الحكمة في أحدهما ، فلا ينعقد لأحدهما
ظهور كي تتحقق المعارضة ، بخلاف العموم فان دلالته وضعية.
والإشكال عليه : بأن مجرى
المقدمات هو المراد الاستعمالي لا الجدي ، وهو غير معلوم العدم في أحدهما.
يمكن ردّه : بأن بيان المراد
الاستعمالي بنحو الإطلاق مع عدم كونه مرادا جدا ، انما يقرب على أساس كون الإطلاق
يكون قاعدة ظاهرية يرجع إليها عند الشك ما لم يثبت التقييد ، ومثل هذا مفقود فيما
نحن فيه ، لأنه بعد ورود الإطلاق الأول ، فلا محصل لإرادة القاعدة الظاهرية من
الإطلاق الثاني ، فكيف بين الإطلاق استعمالا ولا يراد جدا؟ فانه لغو محض. اذن
فالتفكيك موجود بين العام والمطلق بما بيناه.
ولكن هذا لو تم لأشكل الأمر
في مطلق التعارض ، إذ التعارض يتوقف على تمامية مقتضى الحجية في كل الدليلين في
نفسه ، فقد يقال : ان الظهور انما يكون حجة إذا لم يكن له معارض ، فعدم المعارض
أخذ في موضوع الحجية. وعليه فكل من المتعارضين ساقط عن الحجية ، فلا