يتصرف في المراد
الجدي دون المراد الاستعمالي ، فالمطلق بعد وروده يبقى على ظهوره الإطلاقي [١].
وما أفاده قدسسره محل نظر من جهتين
:
الجهة الأولى : ما
ذكره من انّ تقدم المقيد على المطلق بالقرينية ، ووجه الإشكال فيه : ان القرينة
لها اصطلاحان : قرينة بالمعنى الأعم. وقرينة بالمعنى الأخص.
اما القرينة
بالمعنى الأخص ، فهي على نحوين :
الأول : ما يكون
مقترنا بالكلام بحيث يوجب التصرف في موضوع الحجية ، وهو ظهور الكلام ، نظير : «
يرمي » في قولك : « رأيت أسدا يرمي » ، فانها توجب ـ ببناء العرف ـ قلب ظهور لفظ :
« الأسد » في : « الحيوان المفترس » إلى ظهوره في « الرّجل الشجاع » ، لأن الرماية
بالنبل من شئون الرّجل لا الحيوان المفترس.
وملاك التقديم
واضح : فانه بعد ان كان الالتزام بكلا الظهورين غير ممكن للمنافاة ، فيدور الأمر
بين التصرف في ظهور لفظ : « الأسد » في معناه الحقيقي وظهور لفظ : « يرمي » في
معناه.
والأول هو المتعين
بعد ان سيق لفظ « يرمي » للقرينية ، فان الالتزام بظهوره يوجب قلب ظهور لفظ : «
الأسد » ، فيرتفع التنافي ، بخلاف الالتزام بظهور : « الأسد » ، فانه لا يوجب التصرف
في ظهور : « يرمي » لعدم كونه قرينة عليه ، فيحصل التنافي ولا ترتفع غائلته.
الثاني : ما يكون
منفصلا عن الكلام إلاّ انه ناظر بدلالته اللفظية إلى المراد الجدي من الدليل الآخر
، فيوجب التصرف فيه تضييقا وتوسعة ، وهذا كالدليل الحاكم بالنسبة إلى المحكوم.
وملاك تقديمه واضح
أيضا ، لأن بناء العقلاء على مطابقة المراد الجدي للمراد
[١] المحقق الخوئي
السيد أبو القاسم. أجود التقريرات ١ ـ ٥٣٥ ـ الطبعة الأولى.