مضافا إلى ان هناك
من لا يقول بتكفل الأمارات أحكاما شرعية ظاهرية ، بل يقول بأن مفادها الحجية أو
المنجزية ونحوهما.
فالتدافع بين
الأمارات انما يكون في مقام الإثبات لا مقام الدلالة ، إذ لا نظر للاعتبار إلى
المدلول أصلا.
وما ذكرناه يمكن
ان يكون مراد صاحب الكفاية [١] ، وان احتمل غيره والأمر سهل.
ثم ان التنافي في
الدلالة على وجه التناقض غير متصور ، لأن الدلالة من الأمور الوجودية ، فالتنافي
بين الدلالتين لا يكون إلاّ على وجه التضاد.
ثم ان صاحب
الكفاية ذكر : ان التنافي قد يكون عرضيا ، كما لو علم إجمالا بكذب أحدهما مع عدم
امتناع اجتماعهما أصلا.
ويبدو من المحقق
النائيني الإشكال فيه ، وان مثل ذلك يكون من موارد اشتباه الحجة باللاحجة [٢].
والتحقيق : ان
العلم الإجمالي بكذب أحد الدليلين له صور ثلاث :
الأولى : ان يعلم
بسقوط أحدهما من باب العلم بعدم إمكان الجمع بين الدليلين مع عدم العلم بكذب
أحدهما واقعا بحيث لا يتميز ، كما في الأصلين المتعارضين في موارد العلم الإجمالي
، فان الجمع بين الحكمين الظاهريين ممتنع لاستلزامه الترخيص في المعصية ، ولا يعلم
بكذب أحدهما في الواقع.
الثانية : ان يعلم
بعدم صحة أحد الخبرين واقعا ، وهو المعبر عنه بالكذب الخبري ، كما لو قام أحد
الخبرين على وجوب القصر والآخر على وجوب التمام ، وعلم بعدم وجوب إحدى الصلاتين.
الثالثة : ان يعلم
بعدم صدق أحد الخبرين بالكذب المخبري.
[١] الخراسانيّ
المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٤٣٧ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهمالسلام.
[٢] الكاظمي الشيخ
محمد علي. فوائد الأصول ٤ ـ ٧٠٣ ـ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.