وهذا الوجه كسابقه
غير تام ، لأن اتحاد الرتبة بين الأصلين المتعارضين ليس شرطا في إمكان التعارض ـ كي
تكون معارضة المتقدم للمتأخر مستلزمة للمحال من تقدم الشيء على نفسه ـ ، بل
المعارضة تصح بين المتقدم والمتأخر زمانا فضلا عن فرض التقدم والتأخر الرتبي. نظير
تعارض الأصول في أطراف العلم الإجمالي في الأمور التدريجية.
الجهة
الثانية : في كيفية التقديم
، فهل هو بالورود أو الحكومة؟ أو غيرهما؟
الحق انه بالورود
، وبيانه يتضح بذكر وجه التقديم فانتظر.
وقد ذهب المحقق
النائيني قدسسره إلى انه بالحكومة ، بتقريب انه حيث : تعتبر السببية الشرعية بين الشك السببي
والمسببي ، بان يكون أحد المشكوكين من آثار المشكوك الآخر شرعا.
ويعتبر أيضا كون
الأصل السببي رافعا لموضوع الأصل المسببي ، وهو الشك.
يكون الأصل السببي
حاكما على الأصل المسببي ، لأنه رافع لموضوعه.
والإشكال فيه :
بان من مقومات الحكومة هو نظر أحد الدليلين إلى الآخر في مرحلة دلالته ، وهذا لا
يتم في مثل الاستصحابين ، إذ الاستصحاب بجميع افراده مدلول لدليل واحد ، لأن
استناد الحكم الاستصحابي في شتى موارده من دليل واحد ، فلا يتحقق فيه شرط الحكومة
، وان قلنا بانحلال الدليل العام إلى قضايا متعددة بتعدد موارده ، إذ ذلك لا
يستلزم تعدد الأدلة وتحقق النّظر المقوم للحكومة ، إذ لا معنى له في القضايا
الانحلالية الحاصلة بالتعمل العقلي.
مندفع : بان هذا
ناشئ عن عدم التفريق بين الحكومة الظاهرية والحكومة الواقعية ، فان اعتبار نظر أحد
الدليلين إلى الآخر المستلزم لتعدد الدليل خارجا انما
[١] الكاظمي الشيخ
محمد علي. فوائد الأصول ٤ ـ ٦٨٢ ـ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.