وأما الصورة
الثانية ـ وهي ما أخذ العلم متعلقا بعنوان اليد المنتزع عن الملكية وعدمها ـ :
فالأمر فيه أوضح ، لأن مورد الاستصحاب وان كان هو العنوان ، لكن نسبة العنوان ـ حسب
الفرض ـ إلى الملكية ـ الواقع ـ وعدمها ليست نسبة الموضوع إلى الحكم كي يقدم على
ما يجري في الواقع ، بل نسبة المعلول إلى العلة ، فما يكون جاريا في نفس الواقع
كاليد يكون مقدما على الاستصحاب ، لأنها تجري في مرحلة منشأ انتزاعه.
والّذي يظهر من
كلامه قدسسره إرادة هذه الصورة لأنه أخذ الجهل بالحال ـ أعني : بحال اليد ـ موضوعا لاعتبار
اليد. ومعلوم انه يريد من حالها كونها يد عادية أو مالكية أو شبهه لا غير ذلك.
ومن الواضح ان
اليد العادية تنتزع عن عدم الملكية ، لأن الغصب هو التصرف في مال الغير بدون إذنه
، وان اليد المالكية تنتزع عن الملكية.
فإذا كان الحال
المأخوذ قيدا للعلم والجهل ، عنوانا منتزعا عن الملكية أو عدمها ، فالاستصحاب
الجاري فيه لا يكون حاكما على اليد ، لأن نسبة العنوان الّذي هو موضوع الاستصحاب
إلى مفاد قاعدة اليد ليست نسبة الموضوع إلى الحكم ، بل نسبة المعلول إلى العلة ،
فتكون اليد مقدمة عليه.
نعم ، لو أخذ
العنوان بالنحو الثاني ـ كما هو في الصورة الثالثة ـ بان كان أمرا حقيقيا لا
انتزاعيا عن الواقع ، وكان نسبته إلى الواقع نسبة الموضوع إلى الحكم ، فيكون
الاستصحاب حاكما على اليد لأنه يجري في موضوعها.
ولكنه مجرد فرض لا
تحقق له في الخارج ، لأن هذه العناوين المتصورة التي يمكن أخذها في متعلق العلم
والجهل ـ كعنوان العادية والمالكية وغيرهما ـ عناوين انتزاعية كما بيّنا ، وغيرها
لا وجه لأخذه في متعلق العلم والجهل إذ لا دليل عليه