وأما الالتزام
باعتبار الدخول في الغير المترتب شرعا لأجل تقوم التجاوز به فهو ، مصادرة وأول
الدعوى ، إذ عرفت ان التجاوز عن المحل يتحقق بالدخول في مثل الهوي. نعم ، التجاوز
عن المحل الشرعي لا يكون إلاّ بالدخول في الغير المترتب شرعا ، فينبغي إيقاع
الكلام في هذه الجهة كما عرفت.
هذا مضافا إلى ما
أشار إليه المحقق الأصفهاني من : ان عنوان التجاوز عن المحل لم يؤخذ في لسان
النصوص ، بل المأخوذ التجاوز عن الشيء المشكوك ، والمراد به التجاوز بالعناية
والمسامحة ، لأن التجاوز الحقيقي لا يصدق إلا إذا فرض وجود الشيء. ومن الواضح صدق
التجاوز عن القراءة مسامحة إذا دخل في الهوي ، ولا يعتبر فيه الدخول في المترتب
شرعا.
إذن ، فالمطلقات
لا تقتضي اعتبار الدخول في الغير المترتب شرعا ، بل يكفى مطلق المترتب ، ويقع
الكلام بعد ذلك في وجود ما يقيد هذه العمومات أو المطلقات ظاهره اعتبار الدخول في
المترتب شرعا.
وقد ذهب الشيخ رحمهالله إلى ذلك وأفاده
في بيانه : ان الظاهر من صحيحة إسماعيل بن جابر ـ المتقدمة ـ هو ذلك ، وذلك لظهور
انه عليهالسلام ذكر الأمثلة المذكورة في الصدر توطئة وتحديدا للقاعدة الكلية المذكورة في
الذيل ، فمقتضاه ان الغير الّذي لا بد من الدخول فيه في جريان القاعدة ما كان من
قبيل السجود بالنسبة إلى الركوع والقيام بالنسبة إلى السجود ، وان ما كان من قبيل
الهوي والنهوض لا يعد غيرا ، يكون الدخول فيه محققا لموضوع القاعدة ، وإلاّ لقبح
ذكر السجود والقيام في مقام التحديد والتوطئة. « انتهى » [١].
وقد نفاه المحقق
الأصفهاني قدسسره : بان الظاهر ان الأمثلة المذكورة في
[١] الأنصاري المحقق
الشيخ مرتضى. فرائد الأصول ـ ٤١١ ـ الطبعة القديمة.