وهذا الوجه قد
عرفت ما فيه من عدم الدليل إثباتا على تكفل الدليل تنزيل الجزء منزلة الكل ، بل
ظاهره ـ لو تم ـ بيان قاعدة كلية عامة.
الثاني : ان
المعتبر في قاعدة التجاوز ، التجاوز عن محل المشكوك ، فلا بد من فرض محل له قد
جعله الشارع وقرره ، بحيث يكون فرض المحل امرا زائدا على المأمور به لا أمرا يتقوم
به المأمور به ، فمع عدم وجود محل مقرر له شرعا لا يتحقق موضوع قاعدة التجاوز ، فلا
وجه لجريانها ، وجزء الجزء لا محل له كي يقال تجاوز عنه ، فمثلا : امر الشارع
بتكبيرة الإحرام في الصلاة وهي : « الله أكبر » ، فسبق كلمة : « الله » على كلمة :
« أكبر » ليس امرا ملحوظا لدى الشارع ومأمورا به ، بل ليس المأمور به الا التكبيرة
لا إجزاءها ، والسبق المذكور من مقوماتها ، فلا يقال لمن عكس وقال : « أكبر الله »
انه جاء بالمأمور به ( التكبيرة خ ل ) من غير ترتيب ، بل يقال انه لم يجئ بالمأمور
به ، فالترتيب المذكور من مقومات المأمور به لا أمر زائد عليه تعلق به الأمر
الشرعي.
وهذا الوجه غير
تام ، لأنه لا دليل على ما ذكره فيه من فرض كون المحل امرا زائدا على المأمور به
مقررا من قبل الشارع ، بحيث يلحظ الترتب الشرعي ، بل الأدلة بالنسبة إلى المحل
عامة فهي تدل على انه لو تجاوز عن محل الشيء المقرر له مطلقا سواء كان التقرير
شرعيا ـ كأجزاء الصلاة ـ أو غيره ـ كما في آيات السورة وكلمات الآية وأحرف الكلمة
ـ فانه يصدق التجاوز عن المحل بالنسبة إلى كل هذه الأمور.
الثالث : دعوى
الانصراف ببيان : ان لفظ : « الشيء » في الروايات منصرف إلى الأجزاء بخصوصها دون
أجزائها ، فعليها يحمل اللفظ ، فتختص القاعدة بها. وهذا كانصراف لفظ : « الحيوان »
في أدلة عدم جواز الصلاة في اجزاء غير المأكول منه عن الإنسان إلى غيره.
وقد ذهب المحقق
الأصفهاني إلى تمامية هذه الدعوى بالنسبة إلى أحرف