ثم استظهر من ذلك
إمكان جريان استصحاب الصحة ، بمعنى موافقة الأمر ، فانها أيضا تدريجية الحصول ،
فمع طرو المشكوك يشك في بقاء هذه الموافقة التدريجية فتستصحب. كما يستصحب غيرها من
الأمور التدريجية [١].
ولكن يرد على
استصحاب الصحة بمعنى المؤثرية التدريجية ـ مع الإغماض عن مثبتيته التي تتضح فيما
سيأتي إن شاء الله تعالى ـ :
أولا : ان
المؤثرية ليست من الأمور الشرعية ، بل هي من الأمور التكوينية اللازمة للأجزاء.
وثانيا : ان هذه
المؤثرية المترتبة على الجزء ليست هي ملاك تعلق الأمر ، وإلاّ للزم الأمر بكل جزء
مستقل ، مع ان المفروض ارتباطيتها وتلازمها ، فلا كلام في استصحابها وعدمه أصلا.
واما استصحاب
الموافقة التدريجية ، فيدفعه : ان الأجزاء متلازمة في مقام الامتثال وسقوط الأمر ،
فالإتيان بالجزء لا تحصل به الموافقة الا مع ملحوقية غيره له وسابقيته على غيره ،
اما بنحو الشرط المتأخر أو أخذه بوصف الملحوقية ، فمع احتمال طرو المانع يشك في
أصل الموافقة ، فلا مجال لاستصحابها لأنها مشكوكة الحدوث والتحقق.
ويتحصل من جميع ما
ذكرناه : ان لا مجال لاستصحاب الصحة عند الشك في طرو المانع بأي معنى من المعاني
أخذت. وان ما ذكره الشيخ قدسسره متين وتام ومسلم.
يبقى الكلام في :
المقام الثاني :
وهو استصحاب الهيئة الاتصالية.
وقد بين الفرق بين
القاطع والمانع ، بان كليهما وان كانا يشتركان في ان
[١] البروجردي الشيخ
محمد تقي. نهاية الأفكار ٤ ـ ٢٣٩ ـ ٢٤١ ـ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.