يختلف الحال فيه
بين أن يكون وجود الحكم أو عدمه ، لأن عدم التكليف بيد الشارع كثبوته ، ولا يعتبر
في الاستصحاب أكثر من أن يكون المجعول بيد الشارع رفعا ووضعا ، سواء كان حكما أو
لم يكن.
وعليه ، فلا مانع
من استصحاب عدم التكليف في إثبات البراءة.
ولا وجه لاستشكال
الشيخ رحمهالله فيه : بان عدم استحقاق العقاب في الآخرة الّذي يراد ترتيبه عليه ليس من
اللوازم المجعولة [١].
والسر في عدم صحة
هذا الإشكال : ان عدم استحقاق العقوبة وان لم يكن بمجعول ، إلا أنه لا حاجة إلى
ترتيب أثر مجعول بعد ان كان المستصحب بنفسه مما أمره بيد الشارع ، فيجري فيه
الاستصحاب ويترتب عليه عدم الاستحقاق ، لأنه من لوازم عدم المنع أعم من الواقعي
والظاهري. هذا ما أفاده في الكفاية [٢].
ولا يخفى عليك انه
كان ينبغي إلحاق هذا المبحث بمبحث الأصل المثبت ، لأنه من شئونه ومتفرعاته ، لا
جعله مبحثا مستقلا برأسه.
وكيف كان فلا بد
من التعرض إلى كل جهة من كلامه على حدّه ، فنقول :
اما الجهة الأولى
: فهي على ما يبدو لا تخلو عن غموض في المراد ، بحيث يكون له صورة وجيهة. وذلك لأن
الصور المتصورة في دخالة العنوان الانتزاعي في ترتب الحكم متعددة ، لأن موضوع
الأثر إما وجود العنوان بما هو ، كوجود عنوان الفوق والتحت والأب والابن وغير ذلك.
وأما وجود الذات مع الخصوصية التي ينتزع عنها العنوان الخاصّ.
واما الذات التي
ينطبق عليها العنوان الخاصّ.
[١] الأنصاري
المحقّق الشيخ مرتضى. فرائد الأصول ـ ٢٠٤ ـ الطبعة الأولى.
[٢] الخراسانيّ
المحقّق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٤١٧ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهمالسلام.