المؤاخذة على
تقدير ثبوت الواقع ، ومثله لا يعتبر فيه إحراز ثبوت الواقع ، بل احتماله يكفي في
الاندفاع للعمل.
وعليه ، فيكفي
استصحاب وجود النهار بلا حاجة إلى إحراز كون الإمساك في النهار ، لأن مرجع
الاستصحاب المزبور إلى تنجيز الحكم بوجوب الإمساك على تقدير ثبوته في الواقع ، ولا
يتكفل إثبات الحكم.
وعليه ، فلا بد من
الإتيان بالإمساك فرارا عن العقاب المحتمل ، لاحتمال ثبوت الحكم لاحتمال بقاء
النهار.
واما إذا التزمنا
بان المجعول هو المتيقن كجعل المؤدى في باب الأمارات ، فيتكفل دليل الاستصحاب جعل
حكم ظاهري مماثل للحكم الواقعي ولو التزمنا بذلك أشكل الأمر ، وذلك لأن الحكم
الواقعي هو وجوب الإمساك المقيد بكونه في النهار ـ مثلا ـ ، وهذا مما لا يمكن ان
يثبت في مرحلة الظاهر باستصحاب بقاء النهار ، إذ بعد عدم إحراز ان الزمان الّذي
نحن فيه نهار أو ليل لا يحرز ان الإمساك في النهار ـ فعلا ـ مقدور لاحتمال ان هذا
الزمان ليل ، واستصحاب بقاء النهار لا يثبت ان هذا الآن نهار ـ كما هو المفروض ـ ،
فيكون ثبوت وجوب الإمساك في النهار محالا ، لأنه تكليف بأمر لا يعلم انه مقدور أو
ليس بمقدور ، فالإشكال على هذا المبني في الاستصحاب دون غيره.
وقد تصدى الأعلام
ـ كما أشرنا إليه ـ لدفع الإشكال ، والمذكور في الكلمات وجوه :
الأول : ان الزمان
لم يؤخذ في متعلق الحكم أصلا وانما هو شرط لأصل ثبوت الحكم ، والحكم متعلق بالطبيعة
بلا تقيد وقوعها في الزمان الخاصّ.
وعليه ، فيثبت
الحكم باستصحاب موضوعه ولا قيمة لعدم ثبوت أن هذا الآن نهار أو ليس بنهار. وهذا
الوجه أشار إليه المحقق العراقي رحمهالله[١].
[١] البروجردي الشيخ
محمد تقي. نهاية الأفكار ٤ ـ ١٥٠ ـ القسم الأول ـ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.