الجهة الرابعة :
وهو ما أشار إليه الاعلام ( قدس الله سرهم ) وتصدوا لدفعه.
ومحصله : ان
استصحاب النهار ـ مثلا ـ لا يتكفل أكثر من إثبات وجود النهار ، كما لو كان متعلق
الحكم أخذ فيه الوقوع في النهار مثل الإمساك في باب الصوم ، فانه يعتبر ان يكون في
النهار ، فمع الشك في بقاء النهار لا يجدي استصحاب النهار في إثبات وقوع الإمساك
في النهار.
نعم ، لو كان وجود
النهار موضوعا للحكم من دون ان يتقيد به متعلقه كان استصحاب النهار مجديا في إثبات
الحكم.
وبالجملة : لا
ينفع استصحاب الزمان الخاصّ في الموارد التي يؤخذ فيها قيدا لمتعلق الحكم ، كالصوم
والصلاة ونحوهما ، فتقل الفائدة فيه لأن أغلب الموارد التي يراد استصحاب الزمان
فيها من هذا القبيل.
أقول : بهذا
البيان ونحوه بيّن الإشكال ، إلا انه لم يبين جهة الاستشكال وما هو المحذور
المترتب على ذلك ، وما هو اللازم الباطل المترتب على عدم إحراز وقوع الإمساك ـ مثلا
ـ في النهار ، إذ لقائل ان يقول : انه بعد استصحاب وجود النهار يثبت الحكم بوجوب
الصوم ، فيأتي الإنسان بالإمساك رجاء ولو لم يحرز ان الزمان نهار ، فان كان الزمان
نهارا فقد امتثل وإلاّ فلا يضره شيء ، فلا يكون الاستصحاب عديم الفائدة ، كيف؟
ولولاه لم يثبت الحكم الّذي ترتب عليه العمل ولو احتياطا ، كما انه ليس بلا أثر
عملي كما جاء في أجود التقريرات [١] في تقريب الإشكال ـ إذ يكفي في لزوم الإتيان بالعمل بعنوان
الاحتياط وهو أثر عملي واضح. فما جاء في كلمات الاعلام لا يخلو عن قصور.
والحق ان يقال :
انه ان التزمنا بان الملحوظ في دليل الاستصحاب هو تنجيز الواقع المجهول فلا إشكال
أصلا ، إذ مرجع التنجيز إلى بيان ترتب
[١] المحقق الخوئي
السيد أبو القاسم. أجود التقريرات ٢ ـ ٤٠٠ ـ الطبعة الأولى.