الوجه الثاني : ان
الخصوصيات المأخوذة في الحكم العقلي كلها خصوصيات تقييدية مأخوذة في الموضوع قيدا
ولم تلحظ علة لثبوت الحكم لمعروضه ، فموضوع الحكم العقلي بقبح الصدق في حال
الإضرار ، هو الصدق بقيد كونه مضرا ، لا ان موضوعه هو الصدق وعلته الإضرار.
وعليه ، فالشك في
بقاء الخصوصية يستلزم الشك في الموضوع قهرا.
وهذا الوجه وان لم
يذكر في الكلمات في المقام ، لكن يمكن ان يستفاد من بعض كلمات المحقق الأصفهاني في
مبحث مقدمة الواجب [١] ، حيث التزم هناك بان عنوان المقدمية جهة تقييدية لا جهة
تعليلية كما يراه صاحب الكفاية [٢].
وعلى كل فيمكن
التنظر فيه من جهتين :
الأولى : ان
الأساس الّذي يبتني عليه ليس من المسلمات ، فان هناك من لا يرى ان جميع الخصوصيات
ملحوظة جهات تقييدية في موارد الأحكام العقلية.
الثانية : انه لو
سلم ذلك ، فهذا لا ينفع بعد ما عرفت من ان المدار في الموضوع على نظر العرف لا نظر
العقل ، فكون الخصوصية تقييدية بنظر العقل لا يجدي إذا لم تكن كذلك بنظر العرف ،
بل كانت من طوارئ الموضوع وحالاته بنظره.
نعم ، لو قلنا بان
المدار على الموضوع المأخوذ في دليل الحكم لأجدى ما ذكر ، إذ دليل الحكم على الفرض
هو العقل ، والمفروض ان الخصوصية بحسبه مقومة.
الوجه الثالث :
دعوى ان الخصوصية المتبدلة أو المشكوكة مقومة بنظر العرف ، فلا مجال للاستصحاب
حينئذ. وذلك بأحد بيانين :
البيان الأول : ان
الكلام فيما نحن فيه في الأحكام العقلية المستتبعة لحكم
[١] الأصفهاني
المحقّق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ١ ـ ٣٤٧ ـ الطبعة الأولى.
[٢] الخراسانيّ
المحقّق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٩٠ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهمالسلام.