الشرع ـ بناء على
الملازمة ـ ، وهي تختص بأحكامه في باب التحسين والتقبيح.
وعليه فنقول : ان
كل خصوصية تكون دخيلة في حكم العقل بالحسن أو القبح ، فهي تكون قيدا لفعل المكلف
المحكوم بالحسن أو القبح لا قيدا في الموضوع. وبعبارة أخرى : ان الخصوصيات
المأخوذة في حكم العقل العارض على فعل المكلف مأخوذة قيدا لمتعلق الحكم لا لموضوعه
، فلا محالة يتقيد متعلق الحكم الشرعي المستكشف عن الحكم العقلي بتلك الخصوصيات
تبعا للحكم العقلي.
فإذا حكم العقل
بقبح الصدق الضار ، كان متعلق الحكم الشرعي بالحرمة هو الصدق المضر.
وقد تقرر ان كل
خصوصية تؤخذ في المتعلق تكون مقومة بنظر العرف ، وليس الحال فيه كالحال في
الموضوع. فمع الشك في تلك الخصوصية يمتنع الاستصحاب ، وسيأتي بيان هذه الجهة في
محله.
البيان الثاني :
ان الحكم العقلي بالقبح لم يتعلق بالصدق ـ مثلا ـ حال إضراره كي يقع الكلام في ان
جهة الضرر مقومة عرفا أو ليست مقومة ، بل ليس لدينا إلاّ الحكم العقلي بحسن
الإحسان وقبح الظلم. والحكم بقبح الصدق المهلك أو حسن الكذب النافع ، من باب ان
الأول مصداق الظلم القبيح عقلا والثاني مصداق الإحسان الحسن عقلا ، لا ان الحكم
العقلي بالقبح تعلق بالصدق مباشرة بملاحظة إضراره.
اذن فمتعلق الحكم
العقلي هو نفس الخصوصية ، وهذه الأفعال مصاديق للخصوصية ويتبعه في ذلك الحكم
الشرعي ، فالحرام هو الظلم والمحبوب هو الإحسان.
وعليه ، فمع الشك
في بقاء الخصوصية يشك في ثبوت متعلق الحكم مباشرة فلا معنى للاستصحاب. فهو نظير
استصحاب حرمة ما ثبت حرمته بالدليل