لكن الإشكال في
مقام الإثبات ، فان أدلة الأصول قاصرة إثباتا عن التأمين عن العقاب المحتمل في كل
طرف المسبّب عن العلم الإجمالي بالتكليف.
بيان ذلك : ان كل
طرف فيه جهتان : إحداهما : انه مشكوك الحرمة واقعا. والأخرى : انه أحد طرفي العلم
الإجمالي المنجز للتكليف الواقعي فيه لو كان ، والمصحح للعقوبة عليه لو فرض انه
حرام واقعا.
ومن الواضح ان
أدلة الأصول إنما تتكفل جعل الإباحة والحلية في المشكوك بما أنه مشكوك الحرمة ،
أما جهة كونه من أطراف العلم الإجمالي فهي مما لا نظر فيها إليها.
وعليه : فهي بجعل
الحلية فعلا إنما تستتبع التأمين من العقاب من جهة انه مشكوك الحرمة لا أكثر ،
لأنها هي الجهة الملحوظة في الحلية المجعولة ، وأما التأمين من العقاب من جهة أخرى
فلا نظر للدليل إليها.
لا نقول : بان
الدليل يتكفل جعل الحلية من جهة الّذي أنكرناه سابقا على المحقق العراقي.
بل الدليل يتكفل
جعل الحلية فعلا ، لكن موضوع الحلية هو الشك في الحرمة ، وهذا يستتبع الأمان من
العقاب ـ الّذي هو لازم الحلية والّذي يهمنا فيما نحن فيه دون نفس الترخيص ـ من
جهة دون جهة ، فلا ينفع في رفع منجزية العلم الإجمالي.
وعلى هذا ، فعدم
الالتزام بجريان الأصل من باب ان جعل الحلية لا ينفع في التأمين من ناحية العلم
الإجمالي ، لأنه غير منظور إليه في موضوع الحلية ، بل ليس الموضوع سوى الشك في
الحرمة ، لأن دليل الأصل يعم موارد العلم الإجمالي وغيره ، فلا يمكن ان نقول إن له
نظرا إلى العلم الإجمالي. ولا يخفى ان الأمان من جهة الشك في الحرمة بما هو شك لا
ينافي عدم الأمان من جهة العلم