وفي الثاني لا يصح
الرجوع إلى الجميع ، لأن نسبة الذيل إلى الصدر وسائر النصوص على حد سواء ، فيتحقق
التهافت بين مدلوله ومدلول جميع النصوص ، فيسقط الجميع عن الاعتبار. فانتبه.
والّذي يتلخص مما
حققناه : أنه لا مانع إثباتا من شمول أدلة الأصول جميعها لأطراف العلم الإجمالي ،
وأساسه كما عرفت على الالتزام بان الحكم المستفاد من الذيل أو الغاية حكم إرشادي
لا تأسيسي.
وأما
الاحتمال الثالث : وهو مختار المحقق النائيني ، فقد ذكر قدسسره في توجيهه : ان مرجع الأصل التنزيلي إلى إلغاء الشارع الشك
وتعبده بان المكلف محرز للواقع. ومن الواضح منافاة التعبد بإحراز الحالة السابقة
في كل من الطرفين مع العلم الإجمالي بانتقاضها في أحدهما ، فانهما لا يجتمعان [١].
ولا يخفى أنه قدسسره اكتفي بهذا
البيان ونحوه في إثبات مدعاه ، مع ان ما يذكره مجرد دعوى لا تنتهي إلى برهان. ولذا
فالرد عليها سهل.
ولأجل ذلك لا حاجة
إلى الإطالة في البحث عن ذلك ، بل الأمر موكول إلى الوجدان ، وهو لا يرى بأسا في
التعبد بالإحراز في كلا الطرفين مع العلم الإجمالي بالخلاف ، لأن التعبد خفيف
المئونة. فلاحظ.
وننتهي
بذلك إلى ان الاحتمال
الثاني ، وهو الالتزام بشمول أدلة الأصول مطلقا لأطراف العلم الإجمالي مع قطع
النّظر عن منجزيته هو المتعين من بين الاحتمالات الثلاثة المزبورة.
يبقى شيء : وهو ان
الشيخ مع التزامه بأن أدلة الاستصحاب لا تشمل أطراف العلم الإجمالي للزوم المناقضة
بين الصدر والذيل ، ولذا لم يلتزم بجريان الاستصحاب في مورد لا يكون جريانه فيه
مستلزما للمخالفة العملية ، كما لو
[١] المحقق الخوئي
السيد أبو القاسم. أجود التقريرات ٢ ـ ٢٤٠ ـ الطبعة الأولى.