وفي مثل ذلك لا
يمكننا ان نلتزم بان متعلق العلم هو أحدهما الواقعي المردد لدينا ، بل هو متعلق
بالجامع بهذا المقدار ـ أعني : عنوان : « أحدهما » ـ ، لكن هذه الصورة إذا اختلفت
موضوعا لامتناع تعلق العلم فيها بالفرد المردد ، فلا يستلزم ذلك كون جميع الصور
مثلها.
بل قد يكون لها
حكم خاص يختلف عن حكم سائر الصور ، فقد التزم صاحب الكفاية في ـ مبحث التعارض [١] ـ ان دليل الحجية لا يثبت الحجية لأكثر من هذا العنوان ، وهو عنوان : «
أحدهما » لأنه بهذا العنوان لا أكثر محتمل الصدق ، فانه كما ان أحدهما معلوم الكذب
كذلك أحدهما محتمل الصدق ، إذ العلم بكذب أحدهما لا ينافي احتمال صدق أحدهما ،
فتثبت الحجية لأحدهما بهذا المقدار ، ويثبت أثره وهو نفي الثالث ومن دون إثبات
لأثر إحدى الخصوصيّتين.
وجملة القول : انه
لا مانع من تعلق العلم الإجمالي بالفرد المردد ، بمعنى ان المعلوم بالإجمال أمر
متعين واقعي خارجي مردد بين طرفين أو أكثر لدى العالم نفسه.
وأما تعلق العلم
بالجامع ، بان يتعلق العلم بطبيعي النجاسة في مثل العلم بنجاسة أحد الإناءين ، فقد
يوجّه عليه إيرادات :
الأول : ما كنا
نورده سابقا من النقض بموارد دوران الأمر بين محذورين. فانه لا يمكن دعوى تعلق
العلم بالإلزام بالجامع بين الفعل والترك ، لضرورة تحقق الجامع بواحد من الفعل أو
الترك ، فلا معنى للإلزام به.
ويمكن ان يدفع :
بأنه بعد ان عرفت فيما تقدم استحالة ثبوت التكليف الفعلي في هذا المورد ، لعدم
ترتب الداعوية عليه ، فلا مجال حينئذ لدعوى تعلق
[١] الخراسانيّ
المحقق الشيخ محمد كاظم كفاية الأصول ـ ٤٣٩ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهمالسلام.