وأما مورد الجهل
البسيط فالأمر بالقصر قابل للداعوية للالتفات إليه ، فلا يصح الأمر بالتمام ،
للتزاحم. فتدبر.
والمتحصل : ان
تطبيق كبرى الترتب على المقام غير صحيح ، فهذا الوجه مما لا يمكن رفع الإشكال فيه.
وأما الوجه الثاني
[١] : ـ أعني : الالتزام بان التمام ليس بمأمور به ، لكنه مسقط
عن الواجب ـ ، فقد عرفت ان الشيخ ناقشه بان ظاهر النصوص صحة العمل وتماميته ،
ولازم ذلك تعلق الأمر به. ولعل السر فيه : ان العمل إذا كان عباديا فصحته تتوقف
على تعلق الأمر به ، والمفروض ان التمام يقع عبادة ، فلا بدّ ان يكون مأمورا به
إذا كان صحيحا ، كما هو ظاهر النصوص.
ولكن صاحب الكفاية
رحمهالله التزم بهذا الوجه ودفع إشكال الشيخ رحمهالله ببيان : ان الصحة كما تنشأ من تعلق الأمر بالعبادة كذلك
تتحقق باشتمال العبادة على ملاك ومصلحة يوجب المحبوبية وان لم تكن مأمورا بها
لمانع.
وعليه ، فيلتزم
باشتمال التمام في حال الجهل بوجوب القصر على مصلحة تامة ملزمة في نفسها ، كما ان
صلاة القصر تشتمل على مصلحة ملزمة ولكنها أهم من مصلحة التمام.
ولأجل التضاد بين
المصلحتين بحيث لا يمكن استيفاء إحداهما مع استيفاء الأخرى ، تعلق الأمر بالقصر
لأهميته ، ولم يأمر بالتمام لأنه أمر بالقصر ذي المصلحة الأهم ، ولا يمكن
استيفاؤهما معا كي يأمر بكلا الفعلين. فإذا جاء بالتمام جهلا بوجوب القصر كانت
الصلاة صحيحة لاشتمالها على الملاك المقرّب ، ولا يجب عليه الإتيان بعد ذلك بالقصر
لعدم التمكن من استيفاء مصلحته ، فلا
[١] من الوجوه
الثلاثة التي ذكرها الشيخ ( قده ) وقد تقدمت المناقشة في الوجهين الأول والثالث
منها.