وأما إذا لم يكن
له دليل إثباتي بعد التعذر ، فالرواية ناظرة إليه ، نظير ما لو قال : « أكرم
العشرين عالما » بنحو يكون كل فرد محكوما بحكم مستقل وتعذر إكرام زيد العالم منهم
، فاحتمل سقوط الباقي ، فان لفظ : « العشرين » ليس من ألفاظ العموم كي يكون حجة
فيما بقي ، بل هو عنوان يعبر عن المجموع ، فلا يمكن ان يصدق على الأقل منه.
وعليه ، فلا يكون
حجة فيما بقي كما حققناه في مبحث العموم والخصوص. ولذا التزمنا هناك ، بان الدليل الدال على عدم إكرام أحد
العشرين يكون معارضا للدليل الدال على إكرام العشرين لا مخصصا له. إذن فتوهم
السقوط لا دافع له في مثل ذلك ، فالرواية تنظر إليه وتفيد عدم سقوط الميسور من
الافراد بسبب المعسور. ومثله ما لو قال : « صم شهر رجب » فتعذر صوم بعض أيامه ،
وكان صوم كل يوم ملحوظا واجبا مستقلا ، لا ان المجموع محكوم بحكم واحد.
فظهر مما حققناه :
ان الرواية كما تشمل المركبات إذا تعذر بعض اجزائها ، تشمل موارد الأحكام
الاستقلالية التي يتكفلها دليل واحد بعنوان يعبر عن عدد خاص لا بعنوان عام. فالتفت
وتدبر.
وأما العلوي الآخر
، وهو قوله عليهالسلام : « ما لا يدرك كله لا يترك كله ». فجهة الاستدلال به على المدعى واضحة ، وقد
نوقش الاستدلال به بمناقشات تعرض إليها الشيخ وأجاب عنها فلا يهمنا التعرض إليها [٢].
وإنما المهم تحقيق
المراد بالرواية ، وهو يظهر بمعرفة المراد من الموصول ولفظ : « كل » في الموضعين.
فنقول :
[١] الأصفهاني
المحقق الشيخ محمد حسين نهاية الدراية ٢ ـ ٢٩٩ ـ الطبعة الأولى.
[٢] الأنصاري المحقق
الشيخ مرتضى. فرائد الأصول ـ ٢٩٥ ـ الطبعة الأولى.