الحكمين ، إذ لا موضوع لها بعد خروج المورد عن مقسم التعذير
والتنجيز. مضافا إلى ما أفاده صاحب الكفاية من ان البيان هاهنا تام ، وهو العلم
الإجمالي ، وانما القصور من ناحية عدم القدرة فهو نظير ما لو علم بالتكليف المعين
بأمر غير مقدور ، فلا يقال انه يقبح العقاب لعدم البيان ، بل لعدم التمكن من
الامتثال ، ولا يخفى ان العلم الإجمالي مانع من جريان البراءة العقلية في كل من
الطرفين ولو لوحظ كل منهما بنفسه وعلى حدة. فانتبه [١].
وبذلك يتضح عدم
تمامية القول الأول.
وأما لزوم
الالتزام والأخذ بأحدهما ـ بحيث لو ثبت كان مانعا من إجراء أصالة الإباحة.
ولا مجال لدعوى :
أن الالتزام بالوجوب أو الحرمة واقعا لا يتنافى مع الإباحة الظاهرية ، إذ لا تنافي
واقعا بين الحكم الواقعي والظاهري ، فلا تنافي بين الالتزام بهما.
وذلك لأن المراد
من الالتزام بأحدهما هو الالتزام مقدمة للعمل على طبقه لا مجرد الالتزام بلا عمل
به ، وهو يتنافى مع الإباحة الظاهرية. وقد أشار الشيخ رحمهالله إلى هذا المعنى [٢] ـ.
فهو يقرّب بوجهين
:
الوجه الأول : انه
حيث تجب موافقة الأحكام التزاما ، بمعنى انه يجب الالتزام بالحكم الواقعي ، فيجب
الالتزام بكل من الوجوب والحرمة ، للعلم بثبوت أحدهما ، وبما أنه غير متمكن عقلا
من ذلك لأن الالتزام بالضدين محال ، فان الإيمان بثبوت الضدين محال كثبوتهما ،
فتمتنع الموافقة القطعية ، وإذا امتنعت
[١] الخراسانيّ
المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٣٥٦ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهمالسلام.
[٢] الأنصاري المحقق
الشيخ مرتضى. فرائد الأصول ـ ٢٣٦ ـ الطبعة الأولى.