ثم انه قد يفصل
فيما نحن فيه بين ما إذا كان الدليل الدال على الجزئية بلسان الإخبار والوضع كقوله
عليهالسلام : « لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب » [١]. وما إذا كان
الدليل بلسان التكليف كقوله : « اركع في الصلاة ». فيلتزم بعموم الجزئية في القسم
الأول لحالتي الذّكر والنسيان عملا بإطلاق الدليل ، ومقتضاه بطلان العبادة بترك
الجزء نسيانا. ويلتزم باختصاص الجزئية في القسم الثاني بحالة الذّكر ، لاختصاص
التكليف به بالذاكر فتختص الجزئية به.
ويرجع في غير
الذاكر إلى إطلاق دليل المركب الّذي يقتضي نفي اعتبار الجزء الزائد. ويلحق بذلك ما
إذا كان دليل الجزئية هو الإجماع ، فان القدر المتيقن منه هو الجزئية حال الذّكر ،
ويرجع في غير حالة الذّكر إلى إطلاق دليل المركب ، أو أصالة البراءة.
وقد نفي الشيخ رحمهالله هذا التفصيل :
بان التكليف الّذي يتكفله دليل الجزئية هو التكليف الغيري لا النفسيّ ، إذا
التكليف النفسيّ لا يستلزم جزئية متعلقه. ومن الواضح ان التكليف الغيري معلول
للجزئية لا علة لها ، فارتفاعه في حال النسيان لا يكشف عن ارتفاع الجزئية فيها [٢].
وهذا النفي من
الشيخ رحمهالله انما يتم لو كان منظور المدعي هو ظهور الدليل في اختصاص الجزئية بحال الذّكر
كاختصاص التكليف نفسه ، ولكن نظره ليس إلى ذلك ، بل نظره إلى انه لا دليل على
الجزئية في غير حال الذّكر ، لأن الكاشف عن الجزئية هو التكليف الغيري وهو يختص
بحال الذّكر ، فيرجع في غير حال الذّكر إلى إطلاق دليل الواجب ، نظير ما إذا ثبتت
الجزئية
[١] مستدرك الوسائل
٤ ـ باب ١ من أبواب القراءة الحديث : ٨ ـ تحقيق مؤسسة آل البيت عليهمالسلام.
[٢] الأنصاري المحقق
الشيخ مرتضى. فرائد الأصول ـ ٢٨٧ ـ الطبعة الأولى.