وأما الوجه الثاني
، ففيه : ان العلم بوجوب الأقل على كل حال لا يمنع من إجراء البراءة فيه ، لأن
وجوبه الضمني لا أثر له عقلا وبلحاظه هو ، بل الأثر العقلي في مقام الإطاعة يترتب
على الوجوب النفسيّ الاستقلالي ، وهو مشكوك ، فتجري فيه البراءة وتعارض البراءة في
الأكثر. فالتفت.
وأما صاحب الكفاية
فقد أشرنا إلى انه سلك في هذا المقام مسلكا يختلف عن مسالك القوم ، فانه بعد ما
نفي البراءة العقلية لعدم انحلال العلم الإجمالي التزم بجريان البراءة الشرعية ،
فتتكفل رفع جزئية المشكوك.
وأورد على نفسه :
بان الجزئية لا يمكن أن يشملها حديث الرفع لأنها ليست بمجعولة ولا أثر لها مجعول
وحديث الرفع انما يتكفل المجعول أو ذي الأثر المجعول.
وأجاب عن ذلك :
بأنها وان لم تكن مجعولة بنفسها إلا انها مجعولة بمنشإ انتزاعها ، وهو الأمر
الضمني ، وهو يكفي في صحة تعلق الرفع بها.
ثم أورد على نفسه
: بان رفع الأمر الضمني انما يكون برفع الأمر بالكل ، إذ لا استقلال له في الوضع ،
وإذا تكفل الحديث رفع الكل فلا دليل على ثبوت الأمر بالفاقد.
وأجاب عن ذلك :
بان نسبة حديث الرفع إلى أدلة الأجزاء نسبة الاستثناء ، فكما انه لو ورد ما يدل
على جزئية شيء وقيده بحال دون حال لا تثبت الجزئية إلا في ذلك الحال ويثبت الأمر
بالفاقد في غيره ، فكذلك أدلة الاجزاء بضميمة حديث الرفع الناظر إليها ، يثبت
الجزئية في حال دون حال ، ففي حال الجهل لا جزئية للسورة مثلا. فتدبر.
ـ إذ حكم الأمارة
وان ثبت عند الشك لكن لوحظ فيه إثبات الواقع لا قطع النّظر عنه ، ومثل الأمارة
الحكم الاستصحابي ، فافهم.