الثاني : انه
سلمنا وحدة وجود وجوب الأقل الضمني والاستقلالي ، لكن نقول : ان الوجود الضمني لا
أثر له في مقام الطاعة ، فالعلم التفصيليّ بوجوب الأقل على كلا التقديرين لا ينفع
حينئذ في إثبات الانحلال ، إذ لا أثر له عقلا على تقدير كون الواجب هو الأكثر ،
إلاّ إذا كان الأكثر منجزا ، ولكن يثبت محذور الكفاية المتقدم. نعم إذا التزم
بالتبعض في التنجيز ـ كما يصرح به في أواخر كلامه ـ يتم الانحلال ، ومعه لا حاجة
إلى إتعاب النّفس في إثبات الانحلال بالنحو المزبور ، بل يتحقق الانحلال ولو
اختلفت حقيقة الوجوب الضمني مع حقيقة الوجوب الاستقلالي ووجوديهما.
وبالجملة :
الانحلال يتوقف على الالتزام بالتبعض في التنجيز ، وإلا فلا وجه له. فتدبر.
أما المحقق
النائيني قدسسره ، فقد ذهب إلى عدم صحة الرجوع إلى البراءة العقلية للعلم الإجمالي الصالح
لتنجيز كلا طرفيه ، ودعوى انحلاله بالعلم التفصيليّ بوجوب الأقل مدفوعة بما تقدم
منه ، من ان العلم التفصيليّ المدعى هو عين العلم الإجمالي ، فلا معنى للانحلال
به. ولكنه ذهب إلى صحة الرجوع إلى البراءة الشرعية وانحلال العلم الإجمالي حكما
بواسطتها ، وذلك لوجهين :
الأول : ان العلم
الإجمالي ينحل حكما بجريان الأصل المثبت في طرف والنافي في طرف آخر كما تقدم ، وما
نحن فيه كذلك. غاية الأمر ان الأصل غير متعدد ، بل هو أصل واحد يتكفل كلتا الجهتين
، أعني : نفي التكليف في طرف وإثباته في طرف آخر ، وهو أصالة البراءة من الجزء
الزائد المشكوك ، فانه بنفسه يثبت إطلاق الأمر ظاهرا وعدم تقيد متعلقه بالجزء
المشكوك ، وهو معنى وجوب الأقل ، لأن وجوبه يرجع إلى أخذه لا بشرط وعدم لحاظ شيء
زائد معه ، وهذا بنفسه يثبت بأصالة البراءة ، لأنه مفادها لا من باب الملازمة كي
يرد عليه أنه يكون من الأصل المثبت. فأصل البراءة كما ينفي الأكثر يثبت الأقل ،
وإطلاق