نعم ، من يقرّب
نفي وجوب الموافقة القطعية بعدم تعارض الأصول لا ينبغي له القول بجواز المخالفة
القطعية ، إذ لا ملازمة بينهما ، فان حرمة المخالفة القطعية ـ على هذا المبنى ـ ليست
من جهة تعارض الأصول كي تنتفي بانتفاء التعارض ، بل العلم علة تامة لها.
فتعليل عدم حرمة
المخالفة القطعية بعدم تعارض الأصول ـ كما جاء في تقريرات الكاظمي ـ غير وجيه.
ثم ، إنه إذا لم
يكن العلم الإجمالي فيما نحن فيه منجزا كما عرفت ، كان المرجع في كل طرف الأصل
الجاري فيه.
وعليه ، ففي مثال
العلم الإجمالي بابتلائه بمعاملة ربوية إما في يومه أو غده يقع الكلام في جهتين
أشار الشيخ رحمهالله إلى كلتيهما :
الجهة الأولى : في
أنه حيث يشك في صحة المعاملة وفسادها ، فهل المرجع عمومات الصحة أو أصالة الفساد؟.
ذكر الشيخ رحمهالله أولا : ان المرجع
هو أصالة الفساد لا عمومات الصحة ، للعلم بخروج بعض الشبهات التدريجية عن العموم ،
لفرض العلم بفساد بعضها ، فيسقط العام عن الظهور بالنسبة إليها ويجب الرجوع إلى
أصالة الفساد. ثم قال بعد ذلك : « اللهم إلا ان يقال : ان العلم الإجمالي بين
المشتبهات التدريجية كما لا يقدح في إجراء الأصول العملية فيها كذلك لا يقدح في
الأصول اللفظية ، فيمكن التمسك فيا نحن فيه لصحة كل واحد من المشتبهات بأصالة
العموم ، لكن الظاهر الفرق بين الأصول اللفظية والعملية ، فتأمل » [١].
أقول : إن عدم صحة
التمسك بالعموم في مورد الشك فيما نحن فيه ليس من جهة العلم الإجمالي بفساد إحدى
المعاملتين كي يتأتى ما ذكره من الحديث ،
[١] الأنصاري المحقق
الشيخ مرتضى. فرائد الأصول ـ ٢٥٦ ـ الطبعة الأولى.