ولا يخفى عليك ان
العلم الإجمالي بنجاسة أحد الإناءين يقتضي بنفسه لزوم الاجتناب عن ملاقي أحدهما
على الوجوه الثلاثة الأولى دون الرابع.
وذلك ..
أما على الأول ،
فلأن الملاقي يكون أحد طرفي الشبهة ، لسراية النجاسة حقيقة إليه ـ على تقدير نجاسة
ملاقاة ـ ، فهو نظير ما لو قسم أحد الإناءين قسمين ، فالاجتناب عن النجس المعلوم
أولا لا يتحقق جزما إلا بالاجتناب عن الملاقي أيضا.
وأما على الثاني ،
فلأن امتثال التكليف المحتمل في الملاقى ـ بالفتح ـ المفروض لزومه لتنجزه بالعلم ،
لا يتحقق إلا بالاجتناب عن ملاقيه ، لأنه من شئون وتبعات الاجتناب عن نفس الملاقى
ـ بالفتح ـ.
وأما على الثالث ،
فلأن العلم بالحكم الفعلي الثابت في الملاقى يصاحبه العلم بالحكم الفعلي الثابت
فعلا في الملاقي لأن المفروض فعليته من الآن وقبل تحقق الملاقاة.
وأما على الرابع ،
فلا يتأتى ما ذكر ، لأن فعلية الحكم لا تتحقق إلا بتحقق الملاقاة ، فلا يكون طرفا
للعلم من الأول ، وقبل الملاقاة.
فيقع الكلام على
هذا الوجه في الجهة الأصولية ، وهي ان الملاقي طرف لعلم إجمالي جديد منجز أو ليس
بطرف؟. هذا بحسب مقام الثبوت.
وأما بحسب مقام
الإثبات ..
فالوجه الأول لا
يمكن الالتزام به ، لأنه ..
إن أريد من
السراية الحقيقة سراية النجاسة إلى الملاقى. ففيه : انه يبتنى على أساس واه ، وهو
كون النجاسة من الأمور الحقيقية الواقعية التي كشف عنها الشارع ، وهو غير صحيح ،
فان النجاسة من الأحكام الاعتبارية الوضعيّة ،