وأشار الشيخ إلى
ذلك في أول مبحث القطع بقوله : « ما دام موجودا » [١].
ويوضح ذلك في مبحث
الاشتغال فيبين : ان العلم الإجمالي انما يكون منجزا إذا بقي ثابتا ولم يرتفع ،
فلو علم إجمالا بنجاسة أحد الإناءين ثم بعد حين زال علمه الإجمالي بان علم تفصيلا
بطهارتهما أو بطهارة أحدهما أو بعدم وقوع النجاسة في أحدهما وان شك في نجاستهما
بدوا ، لم يكن مجال لدعوى لزوم الاحتياط بملاحظة حدوث العلم الإجمالي [٢].
ولا يرد على هذا :
بان لازمه عدم لزوم الاجتناب عن أحد الطرفين المعلوم نجاسة أحدهما إذا طهر الآخر
لزوال العلم الإجمالي بالنجاسة. وذلك لأن التطهير إنما يرفع المعلوم بالإجمال بقاء
، أما حدوثا فلا ، فالعلم الإجمالي فعلا بنجاسة أحد الإناءين حدوثا ثابت ولم ينتف
بالتطهير ، فيكون التنجيز بلحاظه ، فالمعتبر بقاء العلم لا المعلوم.
وإذا ظهر ذلك تعرف
الحال في ما ذكره المحقق المزبور ، فان علمه التفصيليّ انما تلزم مراعاته ما دام
موجودا. أما إذا زال كما هو الفرض فلا موضوع للتنجيز ، فليس عدم التنجيز لتقييد
المطلقات ، بل لعدم موضوعه وهو العلم ، والعلم السابق لا ينفع في تنجيز الحكم
لاحقا ، فلاحظ وتدبر.
وأما
الجهة الثالثة : فتحقيق الكلام فيها : ان البراءة انما تجري في مورد الشك في التكليف الزائد ،
سواء كان استقلاليا أو ضمنيا ، أو فقل انها انما تجري مع الشك في أصل التكليف أو
في سعته وانبساطه على أمر خاص مع العلم بأصله ، كموارد دوران الأمر بين الأقل
والأكثر ، والسر في ذلك واضح ، لأن ما هو بيد
[١] الأنصاري المحقق
الشيخ مرتضى. فرائد الأصول ـ ٢ ـ الطبعة الأولى.
[٢] الأنصاري المحقق
الشيخ مرتضى. فرائد الأصول ـ ٢٥٠ ـ الطبعة الأولى.