بالوجوب ، فان
الوجوب انما يجعل بإزاء الطبيعي لا بإزاء افراده ، لكن ينتزع عن مطابقة الطبيعي
لفرده وصف الوجوب للفرد.
واما الصحة في
المعاملات : فهي بمعنى ترتب الأثر على المعاملة ، وهذا امر بيد الشارع فهو الّذي
يجعل الأثر على المعاملة سواء كان بنحو التأسيس أو الإمضاء ، لبناء العقلاء على
ترتب الأثر. فالصحة فيها مجعولة للشارع لكنها بلحاظ كلي المعاملة لا مصاديقها ،
اما في مصاديقها الخارجية فالصحة فيها انتزاعية تنتزع عن مطابقة الفرد للطبيعي
المجعول سببا ، كما هو الحال في الأحكام التكليفية كما عرفته. هذا ما أفاده صاحب
الكفاية قدسسره في المقام [١].
وقد يرد على ما
أفاده في تحقيق صحة العبادة وجوه :
الأول : ما ذكره
المحقق الأصفهاني رحمهالله في حاشيته ، وهو إشكال علمي يتعلق بما أفاده صاحب الكفاية
من عدم كون الصحة بمعنى سقوط القضاء في صورة الإتيان بالمأمور به الواقعي من
الأمور الانتزاعية ، فانه ذكر : ان كونه من الأحكام العقلية لا ينافي كونه من
الأمور الانتزاعية ، فان الأمر الانتزاعي هو ما لا واقع له الا منشأ انتزاعه. ومن
الواضح ان مسقطية العمل للقضاء كذلك ، فهي امر انتزاعي من ترتب عدم القضاء على
العمل. فما ذكره من عدم كونها من الأوصاف الانتزاعية لا وجه له [٢].
الثاني : فيما
يتعلق بما ذكره من ان الصحة في مورد الإتيان بالمأمور به الظاهري أو الاضطراري من
الأحكام المجعولة لكن يتصف بها الطبيعي. اما الفرد فصحته انتزاعية.
[١] الخراسانيّ
المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ١٨٤ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهمالسلام.
[٢] الأصفهاني
المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ١ ـ ٣٠٨ ـ الطبعة الأولى.